للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَمَّا نَفْسُ إثْبَاتِ الصَّانِعِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتهِ وَمَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يُعْلَمُ بالأدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، وَإِن كَانَت الْأَدِلَّةُ وَالْآيَاتُ الَّتِي يَاُتِي بِهَا الْأَنْبِيَاءُ هِيَ أَكْمَلُ الْأَدِلًّةِ الْعَقْلِيَّةِ. [١٣/ ١٣٧ - ١٣٨]

١٨٥٥ - التَّأْوِيلُ فِي عُرْفِ الْمُتَأَخّرِينَ: هُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَن الْمَعْنَى الرَّاجِحِ إلَى الْمَعْنَى الْمَرْجُوحِ لِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِ، وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ عَلَيْهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَمَسَائِلِ الْخِلَافِ.

وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فِي لَفْظِ السَّلَفِ فَلَهُ مَعْنيَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَفْسِيرُ الْكَلَامِ وَبَيَانُ مَعْنَاهُ، سَوَاءٌ وَافَقَ ظَاهِرَهُ أَو خَالَفَهُ؛ فَيَكُونُ التَّأْوِيلُ وَالتَّفْسِيرُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مُتَقَارِبًا أَو مُتَرَادِفًا.

والْمَعْنَى الثانِي فِي لَفْظِ السَّلَفِ- وَهُوَ الثَّالِثُ مِن مُسَمَّى التَّاوِيلِ مُطْلَقًا-: هُوَ نَفْسُ الْمُرَادِ بِالْكَلَامِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ إنْ كَانَ طَلَبًا كَانَ تَأْوِيلُة نَفْسَ الْفِعْلِ الْمَطْلُوبِ، وَإِن كَانَ خَبَرًا كَانَ تَأْوِيلُهُ نَفْسَ الشَّيْءِ الْمُخْبَرِ بِهِ.

وَمِمَّا يُوَافِقُهُ فِي اشْتِقَاقِهِ الْأَصْغَرِ: (الْآلُ) فَإِنَّ آلَ الشَّخْصِ مَن يَئُولُ إلَيْهِ؛ وَلهَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي عَظِيمٍ، بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَعْظَمَ مِن الْمُضَافِ، يَصْلُحُ أَنْ يَئُولَ إلَيْهِ الْآلُ؛ كَآلِ إبْرَاهِيمَ وَآلِ لُوطٍ وَاَلِ فِرْعَوْنَ، بِخِلَافِ الْأَهْلِ.

وَأَمَّا إدْخَالُ أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ أَو بَعْضِ ذَلِكَ فِي الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللهُ، أَو اعْتِقَادُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَشَابِهُ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللّهُ بِعِلْمِ تَأْوِيلِهِ، كَمَا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِن الْقَوْلَيْنِ طَوَائِفُ مِن أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُم وإن أَصَابُوا فِي كَثِيرٍ مِمَّا يَقُولُونَهُ وَنَجَوْا مِن بِدَعٍ وَقَعَ فِيهَا غَيْرُهُمْ، فَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِن وَجْهَيْنِ:

الْأوَّلُ: مَن قَالَ: إنَ هَذَا مِن الْمُتَشَابِهِ وَأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ، فَنَقُولُ: أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ فَإِنِّي مَا أَعْلَمُ عَن أَحَدٍ مِن سَلَفِ الْأمَّةِ وَلَا مِن الْأَئِمَّةِ لَا أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَلَا غَيْرِهِ أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مِن الْمُتَشَابِهِ الدَّاخِلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>