وَنَفَى أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ مَعْنَاهُ، وَجَعَلوا أَسْمَاءَ اللّهِ وَصفَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يُفْهَمُ.
فَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ مَنْعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِن الْمُتَشَابِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا قِيلَ: هَذِهِ مِن الْمُتَشَابِهِ أَو كَانَ فِيهَا مَا هُوَ مِن الْمُتَشَابِهِ كَمَا نُقِلَ عَن بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ سَمَّى بَعْضَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْجَهْمِيَّة مُتَشَابِهًا فَيُقَالُ: الَّذِي فِي الْقرْآنِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللهُ: إمَّا الْمُتَشَابِهُ وَإِمَّا الْكِتَابُ كُلُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَفْيُ عِلْمِ تَأْوِيلِهِ لَيْسَ نَفْيَ عِلْمِ مَعْنَاهُ. [١٣/ ١٣٧ - ١٣٨]
١٨٥٦ - الْفِعْل لَا يَدُلُّ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوُجُوبِ. [١٧/ ٤٩٤]
١٨٥٧ - تَنْقِيح الْمَنَاطِ: هُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - حَكَمَ فِي مُعَيَّنٍ، وَقَد عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ، فَيُرِيدُ (١) أَنْ يُنَقِّحَ مَنَاطَ الْحُكْمِ لِيَعْلَمَ النَّوْعَ الَّذِي حَكَمَ فِيهِ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ بِالْكَفَّارَةِ، وَقَد عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَعُلِمَ أَنَّ كَوْنَهُ أَعْرَابِيًّا أَو عَرَبِيًّا أَو الْمَوْطُوءَةِ زَوْجَتَهُ لَا أَثَرَ لَهُ، فَلَو وَطِئَ الْمُسْلِمُ الْعَجَمِيُّ سُرِّيّتهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ.
وَلَكِنْ هَلِ الْمُؤَثِّرُ فِي الْكَفَّارَةِ كَوْنُهُ مُجَامِعًا فِي رَمَضَانَ أَو كَوْنُهُ مُفْطِرًا؟
فَالْأوَّلُ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ.
وَالثَّانِي: مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عَن أَحْمَد فِي الْحِجَامَةِ؛ فَغَيْرُهَا أَوْلَى.
ثُمَّ مَالِكٌ يَجْعَلُ الْمُؤَثِّرَ جِنْسَ الْمُفَطِّرِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُهَا الْمُفَطّرِ كَتَنَوُّعِ جِنْسِهِ فَلَا يُوجِبُهُ فِي ابْتِلَاع الْحَصَاةِ وَالنَّوَاةِ.
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْة فِي الشَّرَائِعِ، وَلَا يُسَمَّى قِيَاسًا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ؛ كَأَبِي حَنِيفَةَ ونفاة الْقِيَاسِ؛ لِاتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، كَمَا
(١) أي: المجتهد والعالم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute