للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطَّرَفُ الْأوَّلُ: طَرَفُ الزَّنَادِقَةِ الْإِبَاحِيَّةِ الْكَافِرَةِ بِالشَّرَائِعِ وَالْوَعِيدِ وَالْعِقَابِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ تَتْبَعُ الِاعْتِقَادَ مُطْلَقًا، وَالِاعْتِقَادُ فوَ الْمُؤَثّرُ فِيهَا.

الطَّرَفُ الثَّانِي: طَرَفُ الْغَالِيَةِ الْمُتَشَدِّدِينَ، الَّذِينَ لَا يَرَوْن لِلِاعْتِقَادِ أَثَرًا فِي الْأَفْعَالِ؛ بَل يَقُولُ غَالِيَتُهُم كَقَوْمٍ مِن مُتَكَلِّمَةِ الْمُعْتَزِلَةِ: إنَّ للهِ حُكْمًا فِي كُلّ فِعْل مَن أَخْطَأَهُ كَانَ آثِمًا مُعَاقَبًا.

وَأَمَّا الْأُمَّةُ الْوَسَطُ فَعَلَى أَنَّ الِاعْتِقَادَ قَد يُؤَثِّرُ فِي الْأَحْكَامِ، وَقَد لَا يُؤَثِّرُ بِحَسَبِ الْأَدِلَّةِ وَالْأَسْبَابِ. [١٩/ ١٤٢ - ١٥١]

١٨٦١ - إجْمَاعُ الْأُمَّةِ فِي نَفْسِهِ حَقٌّ، لَا تَجْتَمِعُ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ حَقٌّ.

وَبِذَلِكَ وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: ٧١] فَلَو قَالَت الْأُمَّةُ فِي الدِّينِ بِمَا هُوَ ضَلَالٌ لَكَانَت لَمْ تَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تَنْهَ عَن الْمُنْكَرِ فِيهِ.

وقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء: ١١٥]. وَالشَّافِعِيُّ - رضي الله عنه - لَمَّا جَرَّدَ الْكَلَامَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْإِجْمَاعِ، كَمَا كَانَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَمَالِكٌ ذَكَرَ عَن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

وَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مُتَّبعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَحِقٌّ لِلْوَعِيدِ، كَمَا أَنَّ مُشَاقَّ الرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى مُسْتَحِقّ لِلْوَعِيدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ يُوجِبُ الْوَعِيدَ بِمُجَرَّدِهِ، فَلَو لَمْ يَكُنِ الْوَصْفُ الْآخَرُ يَدْخُل فِي ذَلِكَ لَكَانَ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ. [١٩/ ١٧٧ - ١٧٩]

١٨٦٢ - الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّقَ اللهُ بِهَا الْأَحْكَامَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:

أ- مِنْهَا مَا يُعْرَفُ حَدُّهُ وَمُسَمَّاهُ بِالشَّرْعِ، فَقَد بَيَّنَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ؛ كَاسْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>