لَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْمِيَاهِ؛ بَل مَاءُ الْبَحْرِ مُسْتَثْنًى بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع، وَكَذَلِكَ الْمَصَانِعُ الْكِبَارُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ نَزْحُهَا وَلَا يَتَحَرَّكُ أَحَدُ طَرَفَيْهَا بِتَحَرُّكِ الطَّرَفِ الْآخَرِ لَا يُنَجِّسُهُ الْبَوْلُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الصَّرِيحُ لَا يُعَارِضُهُ حَدِيث فِي هَذَا الإِجْمَالِ وَالِاحْتِمَالِ (١).
وَأمّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ الْمُحَرَّمُ لِكَسْبِهِ؛ كَالْمَأْخُوذِ ظُلْمًا بِاُّنْوَاعِ الْغَصْبِ مِنَ السَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالْقَهْرِ، وَكَالْمَأْخوذِ بِالرِّبَا وَالْمَيْسِرِ، وَكالْمَأخُوذِ عِوَضًا عَن عَيْنٍ أَو نَفْعٍ مُحَرَّمٍ؛ كَثَمَنِ الْخَمْرِ وَالدَّمِ، وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ: فَمَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ مِن أَعْدَلِ الْمَذَاهِبِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَ الظُّلْمِ وَمَا يَسْتَلْزِمُ الظُّلْمَ أَشَدُّ مِن تَحْرِيمِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ.
وَحُرِّمَ الرِّبَا لأنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلظُّلْمِ، فَإِنَّهُ أَخْذُ فَضْلٍ بِلَا مُقَابِلٍ لَهُ، وَتَحْرِيمُ الرِّبَا أَشَدُّ مِن تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ الَّذِي هُوَ الْقِمَارُ؛ لِأنَّ الْمُرَابِيَ قَد أَخَذَ فَضْلًا مُحَقَّقًا مِن مُحْتَاجٍ، وَأَمَّا الْمُقَامِرُ فَقَد يَحْصُلُ لَهُ فَضْل وَقَد لَا يَحْصُلُ لَهُ، وَقَد يَقْمُرُ هَذَا هَذَا، وَقَد يَكُونُ بِالْعَكْسِ.
وأَهْلُ الْمَدِينَةِ جَعَلُوا الْمَرْجِعَ فِي الْعُقُودِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَتِهِمْ، فَمَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ، وَمَا عَدُّوهُ إجَارَةً فَهُوَ إجَارَةٌ، وَمَا عَدُّوهُ هِبَةً فَهُوَ هِبَةٌ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَعْدَلُ.
فَإِنَّ الْأسْمَاءَ:
أ- مِنْهَا مَا لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.
ب- وَمِنْهَا مَا لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ.
(١) وهذا قاعدةٌ عظيمة كبيرة، يجب استصحابُها في جميع أصول الدين وفروعِه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute