للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ج- وَمِنْهَا مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ لَا فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ؛ بَل يَرْجِعُ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَحُدَّهَا الشَّارعُ وَلَا لَهَا حَدّ فِي اللُّغَةِ؛ بَل يَتَنَوَّعُ ذَلِكَ بِحَسَبِ عَادَاتِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ، فَمَا عَدُّوهُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ وَمَا عَدّوهُ هِبَةً فَهوَ هِبَةٌ وَمَا عَدُّوهُ إجَارَةً فَهوَ إجَارَةٌ.

وَقَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ أَمَرَ بِوَضْع الْجَوَائِحِ وَقَالَ: "إنْ بِعْت مِن أَخِيك ثَمَرَةً فَأَصَابَتْهَا جَائِحَة فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِن مَالِ أَخِيك شَيئًا بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ " (١).

وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ وَالْعَدْلِ مِن مَذْهَبِ مَن خَالَفَهُم مِن أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ.

فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: الْعَقْدُ مُوجِبٌ الْقَبْضَ عَقِبَهُ، يُقَالُ لَهُ: مُوجَبُ الْعَقْدِ:

أ- إمَّا أَنْ يُتَلَقَّى مِنَ الشَّارعِ.

ب- أَو مِن قَصْدِ الْعَاقِدِ.

وَالشَّارعُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا يُوجِبُ مُوجَبَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُتَعَاقِدَانِ فَهُمَا تَحْتَ مَا تَرَاضَيَا بِهِ ويعْقِدَانِ الْعَقْدَ عَلَيْهِ:

أ- فَتَارَة يَعْمِدَانِ عَلَى أَنْ يَتَقَابَضَا عَقِبَهُ.

ب- وَتَارَةً عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ الْقَبْضُ كَمَا فِى الثَّمَرِ؛ فَإِنَّ الْعَقْدَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي الْحُلُولَ.

ج- وَلَهُمَا تَأْجِيلُهُ إذَا كَانَ لَهُمَا فِي التَّأْجِيلِ مَصْلَحَةٌ، فَكَذَلِكَ الأعْيَانُ.

فَإِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ أَو غَيْرِهِ كَالشَّجَرِ الَّذِي ثَمَرُهُ ظَاهِرٌ، وَكَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، وَكَالْعَيْنِ الَّتِي اسْتَثْنَى الْبَائِعُ نَفْعَهَا مُدَّةً لَمْ يَكُن مُوجَبُ


(١) مسلم (١٥٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>