للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ، وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِعَيْن مُعَيّنةٍ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا، فَيُحْتَاجُ أَنْ يُعْرَفَ الْمَنَاطُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ.

وَالصَّوَابُ: أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ النِّزَاعُ، كَمَا أَنَ تَحْقِيقَ الْمَنَاطِ لَيْسَ مِمَّا يَقْبَلُ النِّزَاعَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ:

أ- تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ.

ب- وتَنْقِيحُ الْمَنَاطِ.

ج- وتَخْرِيجُ الْمَنَاطِ.

هِيَ جِمَاعُ الِاجْتِهَادِ.

فَالْأوَّلُ: أَنْ يَعْمَلَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ؛ فَإِنَّ الْحُكمَ مُعَلَّقٌ بِوَصْفٍ يَحْتَاجُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْمُعَيَّنِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ ثُبُوتَ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِيهِ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ أَمَرَنَا بِإِشْهَادِ ذَوِي عَدْلٍ مِنَّا وَمِمَن نَرْضَى مِنَ الشُّهَدَاءِ، وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ كُلِّ شَاهِدٍ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَعْلَمَ فِي الشُّهُودِ الْمُعَيَّنِينَ: هَل هُم مِن ذَوِي الْعَدْلِ الْمَرْضِيِّينَ أَمْ لَا؟

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] يَبْقَى هَذَا الشَخْصُ الْمُعَيَّنُ هَل هُوَ مِنَ الْفُقَرَاءِ الْمَسَاكِينِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْقُرْآنِ أَمْ لَا؟

وَهَذَا النَّوْعُ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بَلِ الْعُقَلَاءُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنُصَّ الشَّارعُ عَلَى حُكْمِ كلِّ شَخْصٍ، إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَام عَامٍّ، وَكَانَ نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم -قَد أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ.

وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي الَّذِي يُسَمُّونَهُ "تَنْقِيحَ الْمَنَاطِ": بِأَنْ يَنُصَّ عَلَى حُكْمِ أَعْيَانٍ مُعَيَّنَةٍ، لَكِنْ قَد عَلِمْنَا أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا، فَالصَّوَابُ فِي مِثْل هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ مِن بَابِ الْقِيَاسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>