قال: ومما قلنا فيه بذلك للإجماع: جواز سلم الدراهم والدنانير في الموزونات (١)، وكان القياس ألا يجوز ذلك لوجود العلة وهي الوزن إلا أنهم استحسنوا فيه للإجماع.
ولهذا؛ فسر غير واحد الاستحسان بتخصيص العلة، كما ذكر ذلك أبو الحسن البصري والرازي وغيرهما، وكذلك هو؛ فإن عامة الاستحسان الذي يقال فيه: إنه يخالف القياس حقيقته تخصيص العلة.
والمشهور عن أصحاب الشافعي منع تخصيص العلة، وعن أصحاب أبي حنيفة القول بتخصيصها كالمشهور عنهما في منع الاستحسان وإجازته.
ولكن في مذهب الشافعي خلاف في جواز تخصيص العلة، كما في مذهب مالك وأحمد.
ومن الناس من يحكي ذلك روايتين عن أحمد.
والتحقيق في هذا الباب: أن العلة تقال على "العلة التامة" وهي المستلزمة لمعلولها، فهذه متى انتقضت بطلت بالاتفاق، وتقال على "العلة البعضية" وتسمى السبب، ودليل العلة، ونحو ذلك، فهذه إذا انتقضت لفرق مؤثر يفرق فيه بين صورة النقض وغيرها من الصور: لم تفسد.
ثم إذا كانت صورة الفرع التي هي صورة النزاع في معنى صورة النقض ألحقت بها، وإن كانت في معنى صورة الأصل ألحقت بها.
وأما من جوَّز تخصيص العلة بمجرد دليل لا يبين الفرق بين صورة التخصيص وغيرها: فهذا مورد النزاع في الاستحسان المخالف للقياس وغيره.
ثم هذه العلة إن كانت مستنبطة وخصت بنصٍّ ولم يتبين الفرق المعنوي بين صورة التخصيص وغيرها: فهذا أضعف ما يكون.