للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والفرق: أن المضارِب مأمور بجعل؛ بل هو شريك في الربح وعمله له ولصاحب المال جميعًا؛ ولهذا كان للعلماء فيما يستحقه في المضاربة الفاسدة ونحو ذلك قولان: هل يستحق ربح مثله -قسط مثله من الربح- أو أجرة تكون أجرة مثله؟

والقول الأول هو الصواب قطعًا.

وهذا ينافي مذهب أحمد؛ فإن من أصله أن هذه المعاملات مشاركة لا مؤاجرة بأجرة معلومة.

والقياس عنده صحتها.

وإنما يقول أجرة المثل من يجعلها من باب الإجارة ويقول القياس يقتضي فسادها، وإنما جوز منها ما جوز للحاجة.

وقولُ أحمد: "كنتُ أذهبُ إلى أن الربحَ لصاحبِ المال، ثم استحسنتُ": رجوعٌ منه إلى هذا، وجَعْلُه الربحَ في جميع الصُّوَرِ للمالك يَقتضي أنه يُصَحح تصرف الفضولي إذا أُجيْزَ (١)، وإلّا كان البيعُ باطلًا.

والآثار المأثورة عن الصحابة والتابعين في باب البيع والنكاح والطلاق وغير ذلك تدل على أنهم كانوا يقولون بوقف العقود، لا سيما حين يتعذر استئذان المالك؛ ولهذا أحمد يقول بوقفها هنا كما في مسألة المفقود اتباعًا للصحابة في ذلك.

ولهذا ظهر ما استحسنه أحمد ورجع إليه أخيرًا؛ لأنه إذا صار (٢) بالإجازة (٣) فالمأذون له وهو لم يعمل إلا بجعل برضى المالك فلا يجوز منعه حقه، [وهذا بناء] (٤) على أنَّه إذا تصرَّف ابتداءً فالربح كله للمالك، وهو إحدى الروايتين في المسألة.


(١) في الأصل: (أخبر)، والمثبت من جامع المسائل (٢/ ٢١٧).
(٢) في الأصل: (جاز)، والمثبت من جامع المسائل (٢/ ٢١٧).
(٣) في الأصل: (بالإجارة)، والمثبت من جامع المسائل (٢/ ٢١٧).
(٤) في الأصل: (وهو إما على)، والمثبت من جامع المسائل (٢/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>