الْحُجَّةِ عَلَيْهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء: ١٥].
لَا سِيَّمَا فِي مَسَائِلَ تَنَازَعَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ وَخَفِيَ الْعِلْمُ فِيهَا عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ. [٢٧/ ٢٣٨]
١٩٩٥ - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِن الْمُسْلِمِينَ وَإِن أَخْطَأَ وَغَلِطَ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ، وَتُبَيَّنَ لَهُ الْمَحَجَّةُ، وَمَن ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِيَقِينِ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ؛ بَل لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ. [١٢/ ٤٦٦]
١٩٩٦ - الْمَشْهُورُ مِن مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَعَامَّةِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ تَكْفِيرُ الْجَهْمِيَّة، وَهُم الْمُعَطِّلَةُ لِصِفَاتِ الرَّحْمَنِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُم صَرِيحٌ فِي مُنَاقَضةِ مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُلُ مِن الْكِتَابِ، وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ جُحُودُ الصَّانِعِ، فَفِيهِ جُحُودُ الرَّبِّ، وَجُحُودُ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَن نَفْسِهِ عَلَى لِسَانِ رُسُلِهِ.
وَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ: فَلَا تَخْتَلِفُ نُصُوصُه أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُهُم؛ فَإِنَّ بِدْعَتَهُم مِن جِنْسِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي الْفُرُوعِ، وَكَثِيرٌ مِن كَلَامِهِمْ يَعُودُ النِّزَاعُ فِيهِ إلَى نِزَاعٍ فِي الْأَلْفَاظِ وَالْأَسْمَاءِ، وَلهَذَا يُسَمَّى الْكَلَامُ فِي مَسَائِلِهِمْ: "بَابُ الْأَسْمَاءِ"، وَهَذَا مِن نِزَاعِ الْفُقَهَاءِ لَكنْ يَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ الدِّينِ، فَكَانَ الْمُنَازعُ فِيهِ مُبْتَدِعًا.
وَكَذَلِكَ "الشيعَةُ" الْمُفَضِّلُونَ لِعَلِيِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ أنَّهُم لَا يُكَفَّرُونَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِن الْفُقَهَاءِ أَيْضًا وَإِن كَانُوا يُبَدَّعُونَ.
وَأَمَّا "الْقَدَرِيَّةُ" الْمُقِرُّونَ بِالْعِلْمِ، و"الرَّوَافِضُ" الَّذِينَ لَيْسُوا مِن الْغَالِيَةِ، وَالْجَهْمِيَّة، وَالْخَوَارجُ: فَيُذْكَرُ عَنْهُ فِي تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَانِ، هَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِهِ الْمُطْلَقِ، مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ التَّوَقُّفُ عَن تَكْفِيرِ الْقَدَرَّيةِ الْمُقِرِّينَ بِالْعِلْمِ وَالْخَوَارجِ، مَعَ قَوْلِهِ: مَا أَعْلَمُ قَوْمًا شَرًّا مِن الْخَوَارجِ.
ثُمَّ طَائِفَةٌ مِن أَصْحَابِهِ يَحْكُونَ عَنْهُ فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ مُطْلَقًا رِوَايَتَيْنِ، حَتَّى يَجْعَلُوا الْمُرْجِئَةَ دَاخِلِينَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute