للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَد ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ مَن بَلَغَتْهُ رِسَالَةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمْ يُؤْمِن بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الِاعْتِذَارُ بِالِاجْتِهَادِ؛ لِظُهُورِ أَدِلَّةِ الرِّسَالَةِ وَأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ. [١٢/ ٤٨٥ - ٤٩٦]

١٩٩٧ - السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ كَفَّرُوا الْجَهْمِيَّة لَمَّا قَالُوا إنَّهُ: سبحانه وتعالى فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَكَانَ مِمَّا أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِمْ: أَنَّهُ كَيْفَ يَكونُ فِي الْبُطُونِ وَالْحُشُوشِ والأخلية؟ تَعَالَى اللهُ عَن ذَلِكَ. [٢/ ١٢٦]

١٩٩٨ - التَّكْفِير الْعَامّ -كَالْوَعِيدِ الْعَامِّ- يَجِبُ الْقَوْلُ بِإِطْلَاقِهِ وَعُمُومِهِ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ عَلَى الْمُعَيَّنِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ أَو مَشْهُودٌ لَهُ بِالنَّارِ: فَهَذَا يَقِفُ عَلَى الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ يَقِفُ عَلَى ثُبُوتِ شُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ.

وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَتَكفِيرُ الْمُعَيَّنِ مِن هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ وَأَمْثَالِهِمْ -بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِن الْكُفَّارِ- لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَقُومَ عَلَى أَحَدِهِم الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّهُم مُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ، وَإِن كَانَت هَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا ريبَ أَنَّهَا كُفْرٌ (١).

وَهَكَذَا الْكَلَامُ فِي تَكْفِيرِ جَمِيعِ الْمُعَيَّنِينَ، مَعَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ أَشَدُّ مِن بَعْضٍ، وَبَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ مَا لَيْسَ فِي بَعْضٍ.

فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِن الْمُسْلِمِينَ وَإِن أَخْطَأَ وَغَلِطَ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَتُبَيَّنَ لَهُ الْمَحَجَّةُ.

وَمَن ثَبَتَ إيمَانُهُ بِيَقِينٍ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ (٢)؛ بَل لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ. [١٢/ ٤٩٨]


(١) أي: لو فعل مكفرًا ظاهرًا صريحًا، فلا يجوز الإقدام على تكفيره إلا بعد قيام الحجة عليه.
(٢) هذه قاعدةٌ مُتفق عليها بين أهل العلم، ومع وضوحها وإجماع العلماء عليها إلا أنك ترى العجب من خوارج العصر، الذين يُكفرون حكام المسلمين وجنودهم وعلماءهم، وكثيرًا من رموزهم وقادتهم، بل أباحوا قتلهم وسفك دمائهم، ولقد رأينا كيف يتقرب الرجل بقتل ابن عمّه وأقاربه! فقبح الله الجهل كيف يقتل صاحبه، ويُورده المهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>