للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠١٨ - مَن حَكَى خِلَافًا فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ أَقْوَالَ النَّاسِ فِيهَا فَهُوَ نَاقِصٌ؛ إذ قَد يَكُونُ الصَّوَابُ فِي الَّذِي تَرَكَهُ.

أَو يَحْكِي الْخِلَافَ وَيُطْلِقُهُ وَلَا يُنَبِّهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِن الْأَقْوَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ أَيْضًا، فَإِنْ صَحَّحَ غَيْرَ الصَّحِيحِ عَامِدًا فَقَد تَعَمَّدَ الْكَذِبَ، أَو جَاهِلًا فَقَد أَخْطَأ.

كَذَلِكَ مَن نَصَبَ الْخِلَافَ فِيمَا لَا فَائِدَةَ تَحْتَهُ، أَو حَكى أَقْوَالًا مُتَعَدِّدَةً لَفْظًا ويَرْجِعُ حَاصِلُهَا إلَى قَوْلٍ أَو قَوْلَيْنِ مَعْنى فَقَد ضَيَّعَ الزَّمَانَ، وَتَكَثَّرَ بِمَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَهُوَ كَلَابِسِ ثَوْبَي زُورٍ. [١٣/ ٣٦٨]

٢٠١٩ - مَن لَمْ يَعْدِلْ فِي خُصُومِهِ وَمُنَازَعِيهِ، وَيَعْذُرْهُم بِالْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ؛ بَل ابْتَدَعَ بِدْعَةً وَعَادَى مَن خَالَفَهُ فِيهَا أَو كَفَّرَهُ: فَإِنَّهُ هُوَ ظَلَمَ نَفْسَهُ.

وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ، يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ فَلَا يَبْتَدِعُونَ.

وَمَن اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ خَطَأً يَعْذُرُهُ فِيهِ الرَّسُولُ: عَذَرُوهُ. وَأَهْلُ البِدَعِ مِثْلُ الْخَوَارجِ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً وَيُكَفِّرُونَ مَن خَالَفَهُم وَيَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ.

وَاللهُ يُحِبُّ الْكَلَامَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، وَيكْرَهُ الْكَلَامَ بِجَهْلٍ وَظُلْمٍ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْقُضَاةُ ثَلَاَثةٌ: قَاضِيَانِ في النَّارِ وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ وَقَضَى بِخِلَافِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ فَهُوَ في الْجَنَّةِ" (١).

وَقَد حَرَّمَ سُبْحَانَهُ الْكلَامَ بِلَا عِلْمٍ مُطْلَقًا، وَخَصَّ الْقَوْلَ عَلَيْهِ بِلَا عِلْم بِالنَّهْي فَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} [الإسراء: ٣٦].


(١) رواه أبو داود (٣٥٧٣٩)، والترمذي (١٣٢٢)، وابن ماجه (٢٣١٥)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (٤٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>