للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذِهِ حَالُ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَلَمْ يُفَرِّق أَحَدٌ مِن السَّلَفِ وَالْأئِمَّةِ بَيْنَ أُصُولٍ وَفُرُوعٍ.

بَل جَعْلُ الدِّينِ قِسْمَيْنِ: أُصُولًا وَفُرُوعًا لَمْ يَكُن مَعْرُوفًا فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَمْ يَقُلْ أحَدٌ مِن السَّلَفِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إنَّ الْمُجْتَهِدَ الَّذِي اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي طَلَبِ الْحَقِّ يَأْثَمُ، لَا فِي الْأُصُولِ وَلَا فِي الْفُرُوعِ، وَلَكنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ ظَهَرَ مِن جِهَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَدْخَلَهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مَن نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُمْ.

وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. [١٣/ ١٢٤ - ١٢٥]

٢٠١٦ - إِذَا تَدَبَّرَ الْإِنْسَانُ تَنَازُعَ النَّاسِ وَجَدَ عِنْدَ كُلِّ طَائِفَةٍ مِن الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْأُخْرَى، كَمَا فِي مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ (١). [١٣/ ١٢٧]

٢٠١٧ - عَلَى الْمُسْلِمِ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يَعْرِفَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ وَأَمَرَ بِهِ عِلْمًا يَقِينِيًّا؛ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدَعُ الْمُحْكَمَ الْمَعْلُومَ لِلْمُشْتَبِهِ الْمَجْهُولِ، فَإِنَّ مِثَالَ ذَلِكَ: مِثْلُ مَن كَانَ سَائِرًا إلَى مَكَّةَ فِي طَرِيقٍ مَعْرُوفَةٍ لَا شَكَّ أَنَّهَا تُوَصِّلُهُ إلَى مَكَّةَ إذَا سَلَكَهَا، فَعَدَلَ عَنْهَا إلَى طَرِيقٍ مَجْهُولَةٍ لَا يَعْرِفُهَا وَلَا يَعْرِفُ مُنْتَهَاهَا، وَهَذَا مِثَالُ مَن عَدَلَ عَن الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلَى كَلَامِ مَن لَا يَدْرِي هَل يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَو يُخَالِفُ ذَلِكَ.

وَأَمَّا مَن عَارَضَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَن كَانَ يَسِيرُ عَلَى الطَّرِيقِ الْمَعْرُوفَةِ إلَى مَكَّةَ، فَذَهَبَ إلَى طَرِيقِ قُبْرُصَ يَطْلُبُ الْوُصُولَ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ، فَإِنَّ هَذَا حَالُ مَن تَرَكَ الْمَعْلُومَ مِن الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مِن كَلَامِ زيدٍ وَعَمْرٍو كَائِنًا مَن كَانَ. [١٣/ ٢٥٨ - ٢٥٩]


(١) فالواجب على المسلم أن يستفيد من غيره الحق والصواب، فقد يجد عنده ما يستفيد منه في الدين أو الدنيا، وقد يكون عنده نظرٌ سياسيّ ثاقب، أو مشاريع تنموية أو صناعية ونحو ذلك.
وكذلك قد يكون عنده من الوسائل الدعوية ما يستفيد منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>