للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٤٤ - مَعَ أَنَّ تَعْلِيلَ الْأَحْكَام بِالْخِلَافِ: عِلَّةٌ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ فَإِنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ مِن الصِّفَاتِ الَّتِي يُعَلِّقُ الشَّارعُ بِهَا الْأَحْكَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ حَادِثٌ بَعْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَكِنْ يَسْلُكُهُ مَن لَمْ يَكُن عَالِمًا بِالْأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي نَفْسِ الْأمْرِ لِطَلَبِ الِاحْتيَاطِ. [٢٣/ ٢٨١ - ٢٨٢]

٢٠٤٥ - إِنَّ الِاحْتِيَاطَ إنَّمَا يُشْرَعُ إذَا لَمْ تَتَبَيَّنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِذَا تبَيَّنَت السُّنَّةُ فَاتباعُهَا أَوْلَى. [٢٦/ ٥٤]

٢٠٤٦ - أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الدِّينِ بِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ أَو مُسْتَحَبٌّ أَو حَرَامٌ أَو مُبَاحٌ إلَّا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مِن الْكِتَابِ أَو السُّنَّةِ وَمَا دَلَّا عَلَيْهِ.

وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَهُوَ حَقُّ جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ؛ فَإِنَّ أُمتَهُ وَللهِ الْحَمْدُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ. [٢٧/ ٣٧٣]

٢٠٤٧ - وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُسْتَحَبٌّ أَو مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَو مُبَاحٌ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيل شَرْعِيٍّ، فَالْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ مَرْجِعُهَا كُلُّهَا إلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي بَلَّغَهُ، وَالسُّنَّةُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهَا، وَالْإِجْمَاعُ بِقَوْلِهِ عُرِفَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ، وَالْقِيَاسُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا عَلِمْنَا أَنَّ الْفَرْعَ مِثْل الْأَصْلِ، وَأَنَّ عِلَّةَ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ.

وَقَد عَلَّمَنَا أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- لَا يَتَنَاقَضُ، فَلَا يَحْكُمُ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ، وَلَا يَحْكُمُ بِالْحُكمِ لِعِلَّةٍ تَارَةً، وَيَمْنَعُهُ أُخْرَى مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ، إلَّا لِاخْتِصَاصِ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِمَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ.

فَشَرْعُهُ هُوَ مَا شَرَعَهُ هُوَ -صلى الله عليه وسلم- وَسُنَّتُهُ مَا سَنَّهَا هُوَ، لَا يُضَافُ إلَيْهِ (١) قَوْلُ غَيْرِهِ وَفِعْلُهُ -وَإن كَانَ مِن أَفْضَلِ النَّاسِ- إذَا وَرَدَتْ سُنَّتُهُ؛ بَل وَلَا يُضَافُ إلَيْهِ إلَّا بِدَليل يَدُلُّ عَلَى الْإِضَافَةِ. [٢٧/ ٣٩٦ - ٣٩٧]


(١) أي: إلى شرعِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>