للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٤٨ - الْفِعْلُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْهُ هُوَ -صلى الله عليه وسلم- لنَا وَلَا أَمَرَنَا بِهِ، وَلَا فَعَلَهُ فِعْلًا سَنَّ لَنَا أَنَّ نَتَأسَّى بِهِ فِيهِ: لَيْسَ مِن الْعِبَادَاتِ وَالْقُرَبِ، فَاتِّخَاذُ هَذَا قُرْبَة مُخَالَفَةٌ لَهُ -صلى الله عليه وسلم-.

وَمَا فَعَلَهُ مِن الْمُبَاحَاتِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّعَبُّدِ: يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ مُبَاحًا كَمَا فَعَلَهُ مُبَاحًا، وَلَكِنْ هَل يُشْرَعُ لَنَا أَنْ نَجْعَلَهُ عِبَادَةً وَقُرْبَةً؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَأَكْثَرُ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّا لَا نَجْعَلُهُ عِبَادَة وَقُرْبَةً؛ بَل نَتَّبِعُهُ فِيهِ: فَإِنْ فَعَلَهُ مُبَاحًا فَعَلْنَاهُ مُبَاحًا، وَإِن فَعَلَهُ قُرْبَةً فَعَلْنَاهُ قُرْبَةً.

وَمَن جَعَلَهُ عِبَادَةً: رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِن تَمَامِ التَّأَسِّي بِهِ وَالتَّشَبُّهِ بِهِ، وَرَأَى أَنَّ فِي ذَلِكَ بَرَكَةً لِكَوْنِهِ مُخْتَصًّا بِهِ نَوْعَ اخْتِصَاصٍ. [٢٧/ ٥٠٤]

٢٠٤٩ - وَأَمَّا أَهْلُ التَّأوِيلِ الْمَحْضِ الَّذِينَ يَسُوغُ تَأْوِيلُهُم: فَأُولَئِكَ مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ، خَطَؤُهُم مَغْفُورٌ لَهُمْ، وَهُم مُثَابُونَ عَلَى مَا أَحْسَنُوا فِيهِ مِن حُسْنِ قَصْدِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ.

وَلهَذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلينَ وَمَن شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالْجَنَّةِ كَعُثْمَانِ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَنَحْوِهِمْ: لَهُ هَذَا الْحُكْمُ.

فَنَقُولُ فِي هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم: إمَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلُ أَحَدِهِمْ سَعْيًا مَشْكُورًا، أَو ذَنْبًا مَغْفُورًا، أَو اجْتِهَادًا قَد عُفِيَ لِصَاحِبِهِ عَن الْخَطَأِ فِيهِ.

فَلِهَذَا كَانَ مِن أُصُولِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ أَحَدٌ مِن الْكَلَامِ فِي هَؤُلَاءِ بِكَلَام يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِمْ وَدِيَانَتِهِمْ؛ بَل يُعْلَمُ أَنَّهُم عُدُولٌ مَرْضِيُّونَ، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ -رضي الله عنهم-، لَا سِيَّمَا وَالْمَنْقُولُ عَنْهُم مِن الْعَظَائِمِ كَذِبٌ مُفْتَرًى. [٢٧/ ٤٧٦ - ٤٧٧]

٢٠٥٠ - عُقُوبَةُ الْإِمَامِ لِلْكَذَّابِ الْمُفْتَرِي عَلَى النَاسِ وَالْمُتَكَلِّمِ فِيهِمْ وَفِي اسْتِحْقَاقِهِمْ لِمَا يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ: لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَاهُمْ؛ بَل الْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ جَائِزَةٌ بِدُونِ دَعْوَى أَحَدٍ؛ كَعُقُوبَتِهِ لِمَن يَتَكَلَّمُ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ، فَيُحدِّثُ بِلَا عِلْمٍ، وَيُفْتِي بِلَا عِلْمٍ، وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ يُعَاقَبُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>