فَهَؤُلَاءِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِم الْحُجَّة بِالنَّهْيِ لَا يُعَذَّبُونَ. وَأَمَّا الثَّوَابُ بِالتَّقَرُّبِ إلَى اللهِ فَلَا يَكُونُ بِمِثْل هَذِهِ الْأَعْمَالِ. [٢٠/ ٢٠ - ٣٣]
٢٠٩٣ - أَمَّا فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ فَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْفُقَهَاءِ مِن أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَن يُوجِبُ النَّظَرَ وَالِاسْتِدْلَالَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ حَتَّى عَلَى الْعَامَّةِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى يُوجِبُوهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا فُضَلَاءُ الْأُمَّةِ، قَالُوا: لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا وَاجِبٌ وَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ إلَّا بِالنَّظَرِ الْخَاصِّ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ الْأُمَّةِ فَعَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ مَا وَجَبَ عِلْمُهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَن يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْعِلْمِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَاجِزٌ عَنِ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الدَّقَائِقِ، فَكَيْفَ يُكلَّفُ الْعِلْمَ بِهَا؟
وَبِإِزَاءِ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الْمُحَدِّثَةِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْعَامَّةِ قَد يُحَرِّمُونَ النَّظَرَ فِي دَقِيقِ الْعِلْمِ، وَالِاسْتِدْلَالَ وَالْكَلَامَ فِيهِ حَتَّى ذَوِي الْمَعْرِفَةِ بِهِ، وَأَهْلِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مِن أَهْلِهِ، وَيُوجِبُونَ التَّقْلِيدَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، أَو الْإِعْرَاضَ عَن تَفْصِيلِهَا.
وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّد أَيْضًا. فَلَا إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوب صَحِيحًا، وَلَا إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ صَحِيحًا.
وَكَذَلِكَ الْمَسَائِلُ الفروعية: مِن غَالِيَةِ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ مَن يُوجِبُ النَّظَرَ وَالِاجْتِهَادَ فِيهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ حَتَّى عَلَى الْعَامَّةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ طَلَبُ عِلْمِهَا وَاجِبًا عَلَى الْأَعْيَانِ فَإِنَّمَا يَجِبُ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمُفَصَّلَةِ تتعَذَّرُ أَو تتعَسَّرُ عَلَى أَكْثَرِ الْعَامَّةِ.
وَبِإِزَائِهِمْ مِن أَتْبَاعِ الْمَذَاهِبِ مَن يُوجِبُ التَّقْلِيدَ فِيهَا عَلَى جَمِيعِ مَن بَعْدَ الْأَئِمَّةِ؛ عُلَمَائِهِمْ وَعَوَامِّهِمْ.
وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأُمَّةِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّقْلِيدَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، لَا يُوجِبُونَ الِاجْتِهَادَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَيُحَرِّمُونَ التَّقْلِيدَ، وَلَا يُوجِبُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute