للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَن تَرَكَ الْحَدِيثَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ، أَو أَنَّ رَاوِيهُ مَجْهُولٌ وَنَحْو ذَلِكَ، وَيكُونُ غَيْرُهُ قَد عَلِمَ صِحَّتَهُ وَثِقَةَ رَاوِيهِ: فَقَد زَالَ عُذْرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ هَذَا.

وَمَن تَرَكَ الْحَدِيثَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يُخَالِفُهُ، أَو الْقِيَاسِ، أَو عَمَلٍ لِبَعْضِ الْأَمْصَارِ (١)؛ وَقَد تَبَيَّنَ لِلْآخَرِ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ لَا يُخَالِفُهُ، وَأَنَّ نَصَّ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّوَاهِرِ، وَمُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْعَمَلِ: لَمْ يَكُن عُذْرُ ذَلِكَ الرَّجُلِ عُذْرًا فِي حَقِّهِ؛ فَإِنَّ ظهُورَ الْمَدَارِكِ الشَّرْعِيَّةِ لِلْأَذْهَانِ وَخَفَاءَهَا عَنْهَا أَمْرٌ لَا يَنْضَبِطُ طَرَفَاهُ.

وَإِذَا قِيلَ لِهَذَا الْمُسْتَهْدِي الْمُسْتَرْشِدِ: أَنْتَ أَعْلَمُ أَم الْإِمَامُ الْفُلَانِيُّ؟: كَانَت هَذِهِ مُعَارَضَةً فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْفُلَانِيَّ قَد خَالَفَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَن هُوَ نَظِيرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَلَسْتُ أَعْلَمُ مِن هَذَا وَلَا هَذَا.

وَلَو فُتِحَ هَذَا الْبَابُ: لَوَجَبَ أَنْ يُعْرِضَ عَن أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَيَبْقَى كُلُّ إمَامٍ فِي أَتْبَاعِهِ بِمَنْزِلَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي أُمَّتِهِ، وَهَذَا تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ، يُشْبِهُ مَا عَابَ اللهُ بِهِ النَّصَارَى فِي قَوْلِهِ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١]. [٢٠/ ٢١٢ - ٢١٦]

٢٠٩٦ - بَابُ الِاجْتِهَاد وَالتَّأْوِيل بَابٌ وَاسِعٌ، يَؤولُ بِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَعْتَقِدَ الْحَرَامَ حَلَالًا. . وَإِلَى أَنْ يَعْتَقِدَ الْحَلَالَ حَرَامًا. . بَل يَعْتَقِدُ وُجُوبَ قَتْلِ الْمَعْصُومِ (٢) أَو بِالْعَكْسِ (٣).


= بل يجب عليك العمل به إذا علمتَ صحتَه، ولا تتركه حتى تتحقق من سلامته عن المعارض الراجح.
(١) أي: ترك العمل بالحديث لأن القياس يُخالفه، أو عمل بعض الأمصار -كأهل المدينة- على خلافه.
(٢) كفعل الخوارج وخاصة في هذا الزمان، الذي تجرؤوا فيه على سفك دماء المعصومين، بل والمسلمين، بل والمجاهدين والصالحين!
(٣) أي: يعتقد تحريم قتل غير معصوم الدم، كما يرى ذلك بعض المبتدعة والمنافقين والمتأثرين بالغرب المنحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>