وَمُنْتَهَى حُبّهِ وَإِرَادَتِهِ بَل اسْتَكْبَرَ عَن ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُرَاد مَحْبُوبٌ يَسْتَعْبِدُهُ غَيْرُ اللهِ، فَيَكُونُ عَبْدًا لِذَلِكَ الْمُرَادِ الْمَحْبُوبِ: إمَّا الْمَالُ، وَإِمَّا الْجَاهُ، وَإِمَّا الصُّوَرُ، وَإِمَّا مَا يَتَّخِذُهُ إلهًا مِن دُونِ اللهِ. [١٠/ ١٩٦ - ١٩٧]
٢١٤٦ - الْمَشْرُوع فِي ذِكْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ هُوَ ذِكْرُهُ "بِجُمْلَةٍ تَامَّةٍ" وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْكَلَامِ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُ بِالْكَلِمَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْفَعُ الْقُلُوبَ، وَيحْصُلُ بِهِ الثَّوَابُ وَالْأَجْرُ، وَالْقُرْبُ إلَى اللهِ وَمَعْرِفَتُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَخَشْيَتُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِن الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ وَالْمَقَاصِدِ السَّامِيَةِ.
وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى "الِاسْمِ الْمُفْرَدِ" مُظْهَرًا أَو مُضْمَرًا فَلَا أَصْلَ لَهُ، فَضْلًا عَن أَنْ يَكُونَ مِن ذِكْرِ الْخَاصَّةِ وَالْعَارِفِينَ؛ بَل هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى أَنْوَاع مِن الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ، وَذَرِيعَةٌ إلَى تَصَوُّرَاتِ أَحْوَالٍ فَاسِدَةٍ مِن أَحْوَالِ أَهْلِ الْإِلحَادِ وَأَهْلِ الِاتِّحَادِ. [١٠/ ٢٣٣]
٢١٤٧ - لَفْظُ "الصَّلَاةِ فِي اللُّغَةِ" أَصْلُهُ: الدُّعَاءُ وَسُمِّيَتْ الصَّلَاةُ دُعَاءً لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ وَهُوَ الْعِبَادَةُ وَالْمَسْأَلَةُ. [١٠/ ٢٣٨]
٢١٤٨ - كُلُّ عَابِدٍ سَائِلٌ وَكُلُّ سَائِلٍ عَابِدٌ. فَأَحَدُ الِاسْمَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْآخَرَ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ عَنْهُ، وَلَكِنْ إذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا: فَإِنَّهُ يُرَادُ بِالسَّائِلِ الَّذِي يَطْلُبُ جَلْبَ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعَ الْمَضَرَّةِ بِصِيَغِ السُّؤَالِ وَالطَّلَبِ. وَيُرَادُ بِالْعَابِدِ مَن يَطْلُبُ ذَلِكَ بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ وَإِن لَمْ يَكُن فِي ذَلِكَ صِيَغُ سُؤَالٍ. [١٠/ ٢٤٠]
٢١٤٩ - إِنَّ الطَّالِبَ السَّائِلَ تَارَةً يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ، وَتَارَةً يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ، إمَّا بِوَصْفِ حَالِهِ، وَإِمَّا بِوَصْفِ حَالِ الْمَسْؤُولِ، وَإِمَّا بِوَصْفِ الْحَالَيْنِ، كَقَوْلِ نُوحٍ عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٤٧)} [هود: ٤٧] فَهَذَا لَيْسَ صِيغَةَ طَلَبٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَن اللهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَغْفِرْ لَهُ وَيرْحَمْهُ خَسِرَ.
وَمِن هَذَا الْبَابِ قَوْلُ أَيُّوبَ عليه السلام: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute