للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[الأنبياء: ٨٣] فَوَصَفَ نَفْسَهُ وَوَصَفَ رَبَّهُ بِوَصْف يَتَضَمَّنُ سُؤَالَ رَحْمَتِهِ بِكَشْفِ ضُرِّهِ، وَهِيَ صِيغَةُ خَبَرٍ تَضَمَّنَت السُّؤَالَ.

وَهَذَا مِن بَابِ حُسْنِ الْأَدَبِ فِي السُّؤَالِ وَالدُّعَاءِ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ لِمَن يُعَظِّمُهُ وَيرْغَبُ إلَيْهِ: أَنَا جَائِعٌ أَنَا مَرِيضٌ، حُسْنُ أَدَبٍ فِي السُّؤَالِ.

وَإِن كَانَ فِي قَوْلِهِ: أَطْعِمْنِي وَدَاوِنِي وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ بِصيغَةِ الطَّلَبِ: طَلَبٌ جَازِمٌ مِن الْمَسْؤُولِ، فَذَاكَ: فِيهِ إظْهَارُ حَالِهِ وَإِخْبَارُهُ عَلَى وَجْهِ الذُّلِّ وَالِافْتِقَارِ الْمُتَضَمِّنِ لِسُؤَالِ الْحَالِ، وَهَذَا: فِيهِ الرَّغْبَةُ التَّامَّةُ وَالسُّؤَالُ الْمَحْضُ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ.

وَهَذ الصِّيغَةُ "صِيغَةُ الطَّلَبِ وَالِاسْتِدْعَاءِ" إذَا كَانَت لِمَن يَحْتَاجُ إلَيْهِ الطَّالِبُ، أَو مِمَن يَقْدِرُ عَلَى قَهْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُقَالُ عَلَى وَجْهِ الْأمْرِ: إمَّا لِمَا فِي ذَلِكَ مِن حَاجَةِ الطَّالِبِ، وَإِمَّا لِمَا فِيهِ مَن نَفْعِ الْمَطْلُوبِ.

فَأَمَّا إذَا كَانَت مِن الْفَقِيرِ مِن كُلِّ وَجْهٍ لِلْغَنِيِّ مِن كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّهَا سُؤَالٌ مَحْضٌ بِتَذَلُّلٍ وَافْتِقَارٍ وَإِظْهَارِ الْحَالِ.

وَوَصْفُ الْحَاجَةِ وَالِافْتِقَارِ هُوَ سُؤَالٌ بِالْحَالِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِن جِهَةِ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ، وَذَلِكَ أَظْهَرُ مِن جِهَةِ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ، فَلِهَذَا كَانَ غَالِبُ الدُّعَاءِ مِن الْقِسْمِ الثَّانِي. [١٠/ ٢٤٥ - ٢٤٦]

٢١٥٠ - لفظ الدعاء والدعوة في القرآن يتناول معنيين: دعاء العبادة، ودعاء المسألة.

قال الله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠)} [يونس: ١٠]، وفي الحديث: "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله" رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره: "دعوة أخي ذي النون {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)} [الأنبياء: ٨٧]،

<<  <  ج: ص:  >  >>