للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا كِتَابَة الْقُرْآنِ عَلَيْهَا (١): فَيُشْبِهُ كِتَابَة الْقُرْآنِ عَلَى الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ، وَلَكِنْ يَمْتَازُ هَذَا بِأَنَّهَا تعَاد إلَى النَارِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَى ابْتِذَالِ الْقُرْآنِ وَامْتِهَانِهِ وَوُقُوعِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ عَنْهَا، فَإِنَّ الْحِيَاصَةَ وَالدِّرْهَمَ وَالدِّينَارَ وَنَحْو ذَلِكَ هُوَ فِي مَعْرِضِ الِابْتِذَالِ وَالِامْتِهَانِ (٢). [٢٥/ ٦٦ - ٦٧]

٢٢٤٩ - يُبَاحُ إطْفَاءُ الْحَرِيقِ بِالْخَمْرِ، وَإِطْعَامُ الْمَيْتَةِ لِلْبُزَاةِ وَالصُّقُورِ، وَإِلْبَاسُ الدَّابَّةِ الثَّوْبَ النَّجِسَ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ فِي أَشْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد؛ وَهَذَا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْخَبَائِثِ فِيهَا يَجْرِي مَجْرَى الْإِتْلَافِ لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الْمُنْفَصِلَةِ، بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ، فَإِنَّ هَذَا غَايَةُ السَّرَفِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ.

وَبِهَذَا يَظْهَرُ غَلَطُ مَن رَخَّصَ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِن أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ فِي إلْبَاسِ دَابَّتِهِ الثَّوْبَ الْحَرِيرَ؛ قِيَاسًا عَلَى إلْبَاسِ الثَّوْبِ النَّجِسِ؛ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَن يُجَوِّزُ افْتِرَاشَ الْحَرِيرِ وَوَطْأَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُصَوَّرَاتِ. [٢١/ ٨٣ - ٨٤]

٢٢٥٠ - التَّوَضُّؤُ وَالِاغْتِسَالُ مِن آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِيهِ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ فِي مَذْهَب أَحْمَد لَكِنَّهُ مُرَكَّبٌ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ بَل أَشْهُرُهُمَا عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ فِي الَدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَاللِّبَاسِ الْمُحَرَّمِ كَالْحَرِيرِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْحَجِّ بِالْمَالِ الْحَرَامِ وَذَبْحِ الشَّاةِ بِالسّكِّينِ الْمُحَرَّمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ أَدَاءُ وَاجِبٍ وَاسْتِحْلَالُ مَحْظُورٍ.

فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي يُصَحِّحُ فِيهَا الصَّلَاةَ وَالْحَجَّ ويُبِيحَ الذَّبْحَ: فَإِنَّهُ يُصَحِّحُ الطَّهَارَةَ مِن آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.


(١) أي: على الحزام الذي عُمل من فضة.
(٢) لم يُحرم شيخ الإسلام رحمه الله كِتَابَة الْقُرْآنِ على الحزام، ولم يقل بأن ذلك امتهان له، بل قال: يُفْضِي إلَى ابْتِذَالِ الْقُرْآنِ وَامْتِهَانِهِ، وهذا من ورعه، وعدم تحريم شيء إلا بدليل ظاهر، فكيف بمن حرَّم أقلّ من ذلك بزعم أنه امثهان للقرآن!

<<  <  ج: ص:  >  >>