قال العلَّامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرحِه لقول المؤلف في زاد المستقنع: قوله: "ومن تيقَّن الطَّهارة وشَكّ في الحدث أو بالعَكْسِ بَنَى على اليقينِ"؛ يعني: إِذا تيقَّن أنه طاهر، وشك في الحدث فإِنه يبني على اليقين، وهذا عام في موجبات الغُسل، أو الوُضُوء. مثاله: رجل توضَّأ لصَلاةِ المغرب، فلما أذَّن العِشَاء وقام ليُصلِّي شَكَّ هل انتقض وضوءُه أم لا؟ فالأصل عدم النَّقضِ فيبني على اليقين وهو أنه متوضَّئ. مثال آخر: استيقظ رجل فوجد عليه بللًا، ولم يرَ احتلامًا، فشكَّ هل هو منيٍّ أم لا؟ فلا يجب عليه الغسل للشَّكِّ. ولو رأى عليه أثر المنيَّ وشكَّ هل هو من الليلة البعيدة أم القريبة؟ يجعله من القريبة لأنها مُتيقَّنة، وما قبلها مشكوك فيه. ودليل ذلك حديث أبي هريرة، وعبد الله بن زيد - رضي الله عنهما - في الرَّجُل يجد الشيءَ في بطنه، ويُشْكِلُ عليه: هل خرج منه شيء أم لا؟ فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينصرف حتى يسمعَ صوتًا، أو يجد ريحًا" .. مع أن قرينةَ الحَدَثِ موجودةٌ، وهي ما في بَطْنِهِ من القرقرة والانتفاخ. وقوله: "أو بالعكس"؛ يعني: أن من تيَقَّنَ الحدثَ وشكَّ في الطَّهارة، فالأصْل الحدث. اهـ. وقال في موضع آخرِ: إِذا استيقظَ ووجد بَللًا فلا يخلو من ثلاث حالات: الأولى: أن يتيقَّنَ أنه مُوجِبٌ للغُسْل؛ يعني: أنه مَنِيٍّ، وفي هذه الحال يجبُ عليه أنْ يغتسلَ سواء ذَكرَ احتلامًا أم لم يذكر. الثانية: أن يتيقَّنَ أنَّه ليسَ بِمِنىٍّ، وفي هذه الحال لا يجب الغُسْل، لكنْ يجب عليه أنْ يَغْسِلَ ما أصابه؛ لأن حُكمَهُ حُكمُ البولِ. =