للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَرْضِ وَهَذَا مَقْصُودٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَبَّ الْمَاءُ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ تَبْقَى إلَى أَنْ تَسْتَحِيلَ. [٢١/ ٤٧٩ - ٤٨٠]

٢٣٧٦ - اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ إذَا انْقَلَبَتْ بِفِعْلِ اللهِ بِدُونِ قَصْدِ صَاحِبِهَا وَصَارَتْ خَلًّا أَنَّهَا تَطْهُرُ.

وَلَهُم فِيهَا إذَا قَصَدَ التَّخْلِيلَ نِزَاعٌ وَتَفْصِيلٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ تَخْلِيلَهَا لَا تَطْهُرُ بِحَالِ (١)، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - (٢)، لِمَا صَحَّ مِن نَهْي النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَن تَخْلِيلِهَا، وَلِأَنَّ حَبْسَهَا مَعْصِيَةٌ، وَالطَّهَارَةُ نِعْمَةٌ، وَالْمَعْصِيَةُ لَا تَكُوَنُ سَبَبًا لِلنِّعْمَةِ (٣).

وَتَنَازَعُوا فِيمَا إذَا صَارَتِ النَّجَاسَةُ مِلْحًا فِي الْمَلَّاحَةِ، أَو صَارَتْ رَمَادًا، أَو صَارَتِ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَالصَّدِيدُ تُرَابًا؛ كَتُرَابِ الْمَقْبَرَةِ، فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ .. وَالصَّوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ طَاهِرٌ إذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِن أَثَرِ النَّجَاسَةِ لَا طَعْمُهَا وَلَا لَوْنُهَا وَلَا رِيحُهَا (٤). [٢١/ ٤٨١]


(١) هذا خاصٌ بالخمر، وأما إذا قصد تطهير غيره فيجوز عند الشيخ كما سيأتي.
(٢) حيث قَالَ: "لَا تَشْرَبْ خَلَّ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يُبْدِيَ اللهُ فَسَادَهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُطَيَّبُ الْخَلُّ".
(٣) الاستحالة اصطلاحًا: تَحوُّل العين النَّجسة بنفسها أو بواسطة.
وإذا استحالت العين النَّجسة إلى عينٍ أخرى: طهُرت، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وابن القيِّم، وبه أفتت اللَّجنة الدَّائمة.
وأما حُكم الخَمر إذا انقلبت خلًّا بنفسها فتطهُر بالاتفاق.
وإذا خُلِّلت بعلاج (أي: بإضافة شيء إليها)، فإنَّها لا تطهُر، ولا يجوز استخدامها، وهذا مذهب الشَّافعيَّة، والحنابلة، وغيرهم، وهو اختيار شيخ الإسلام وابن القيِّم وابن عثيمين، وبه أفتت اللَّجنة الدَّائمة؛ لما ثبت عن أنسٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن الخَمر تُتَّخذ خلًّا؟
فقال: "لا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وإذا خُلِّلت بنقلها، كما لو نُقلت من الظِّل إلى الشَّمس أو العكس: فجمهور أهل العلم يرون طهارتها.
وذهب الحنابلة إلى عدم طهارتها، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة كما في الفتاوى (٢١/ ٤٨٣).
(٤) وقال الشيخ: "فيما اسْتَحَالَ بِسَبَبِ كَسْبِ الْإِنْسَانِ؛ كَإِحْرَاقِ الرَّوْثِ حَتَّى يَصِيرَ رَمَادًا، وَوَضْعِ الخِنْزِيرِ فِي الْمَلَّاحَةِ حَتَّى يَصِيرَ مِلْحًا فَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ، وَللْقَوْلِ بِالتَّطْهِيرِ اتِّجَاهٌ وَظُهُورُ". (٢١/ ٦٠١)

<<  <  ج: ص:  >  >>