(٢) قال ابن القيِّم - رحمه الله -: كذلك ترى أحدهم لا يصلِّي إلا على سجادة، ولم يصلِّ - عليه السلام - على سجادة قط، ولا كانت السجادة تفرش بين يديه، بل كان يصلِّي على الأرض، وربما سجد في الطين، وكان يصلِّي على الحصير فيصلي على ما اتفق بسطه، فإن لم يكن ثمة شيء صلَّى على الأرض. إغاثة اللهفان (١٢٦). ولا يعني هذا أن الصلاة على السجاد مكروهة أو بدعة، وإنما المحذور تقصد ذلك كما يفعله الكثير من النساء في هذا الزمان، فلا تكاد تجد امرأة تصلي إلا على سجاد. وقد صحت أحاديث كثيرة في الصلاة على السجاد والحصير، منها: ما رواه البخاري (٣٢٦)، ومسلم (٥١٣)، عن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها كانت تكون حائضًا لا تصلي وهي مفترشة بحذاء مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي على خمرته، إذا سجد أصابني بعض ثوبه. وما رواه البخاري (٣٧٣)، ومسلم (٦٥٨)، عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعته له فأكل منه ثم قال: قوموا فلأصلِّ لكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبس فنضحته بماء، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصففتُ واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلَّى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم انصرف. وقد بوَّب عليه البخاري بقوله: باب الصلاة على الحصير. وما رواه البخاري (٥٥٢٤)، عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحتجر حصيرًا بالليل فيصلي عليه ويبسطه بالنهار فيجلس عليه. وما رواه مسلم (٥١٩)، عن أبي سعيد الخدري أنه دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فرأيته يصلي على حصير يسجد عليه.