للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا: أَنَّ نَفْسَ الْأئِمَّةِ يُؤْمَرُونَ أَنْ يُصَلُّوا كَمَا صَلَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ هَكَذَا صَلَّى.

وَقَوْلُهُ: {لَا يَسْجُدُونَ (٢١)} وَلَمْ يَقُلْ: "لَا يُصَلُّونَ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ وَخَارجَ الصَّلَاةِ، فَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا الْخُضُوعَ وَالْخُشُوعَ كَمَا مُثِّلَ.

جَاءَ فِي "الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ": "إذَا قَرَأَ ابْن آدَمَ السَّجْدَةَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا ويْلَهُ أمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَأبَيْت فَلي النَّارُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١).

وَهَذَا الْحَدِيثُ كَافٍ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَكَذَلِكَ الْآيَاتُ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ الْمُقَيَّد وَالْأَمْرُ الْمُطْلَقُ أَيْضًا.

وَأَمَّا احْتِجَاجُ مَن لَمْ يُوجِبْهُ بِكَوْنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسْجُدْ لَمَّا قَرأَ عَلَيْهِ زيدٌ النَّجْمَ (٢).

وَبقُول عُمَر "لَمَّا قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَن سَجَدَ فَقَد أَصَابَ، وَمَن لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ"، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ - رضي الله عنه -.

وَزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: "إِنَّ اللّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ" (٣).

فَيُقَالُ: تِلْكَ قَضِيَّة مُعَيَّنَةٌ، وَلَعَلَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْجُدْ زَيْدٌ لَمْ يَسْجُدْ هُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنْتَ إمَامُنَا فَإِنْ سَجَدْت سَجَدْنَا.


(١) (٨١).
(٢) رواه البخاري (١٠٧٣)، ومسلم (٥٧٧).
(٣) رواه البخاري (١٠٧٧)، وقد أثبت الحديث من صحيحه، وتركت اللفظ الذي ذكره الشيخ، ففيه بعض التصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>