وَإِن انْفَرَدَ أَحَدُ السَّبَبَيْنِ: انْفَرَدَ قَصْرُهُ.
فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} مُطْلَقٌ فِي هَذَا الْقَصْرِ وَهَذَا الْقَصْرُ، وَسُنَّة رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- تُفَسِّرُ مُجْمَلَ الْقُرْآنِ وَتُبَيِّنُهُ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْهُ، وَهِيَ مفَسّرَة لَهُ، لَا مُخَالِفَة لِظَاهِرِهِ.
وَنَظِيرُ هَذَا أَيْضًا مَا قُرِئَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} (١) [المائدة: ٦] مِن أَنَّ الْمَسْحَ مُطْلَقٌ يَدْخُلُ فِيهِ:
أ- الْمَسْحُ بِإِسَالَةٍ، وَهُوَ الْغَسْلُ.
ب- وَالْمَسْخ بِغَيْرِ إسَالَةٍ، وَهُوَ الْمَسْحُ بِلَا غَسْلٍ.
فَالْقُرْآنُ أَمَرَ بِمَسْحٍ مُطْلَقٍ، وَالسُّنَّة تُثْبِتُ أَنَّ الْمَسْحَ فِي الرَّأسِ بِغَيْرِ إسَالَةٍ، وَالْمَسْحَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ بِاِسَالَةِ، فَهِيَ مُفَسِّرَة لَهُ لَا مُخَالِفَة لِظَاهِرِهِ.
فَيَنْبَغِي تَدَبُّر الْقُرْآنِ وَمَعْرِفَةُ وُجُوهِهِ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَتَوَهَّمُ النَّاسُ أَنَّهُ قَد خُولِفَ ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَهُ دَلَالَات يَعْرِفُهَا مَن أَعْطَاهُ اللّهُ فَهْمًا فِي كِتَابِهِ، وَيَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ خَمْسَةَ فَوَائِدَ:
أَحَدُهَا: تَقْرِيرُ الأَحْكَامِ بِدَلَائِلَ الْقُرْآنِ.
وَالثَّانِي: بَيَانُ اتِّفَاقِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَالثَّالِثُ: بَيَانُ أَنَّ السُّنَّةَ مُفَسِّرَةٌ لَهُ لَا مُنَافِيَةٌ لَهُ.
وَالرَّابعُ: بَيَانُ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ.
وَالْخَامِسُ: الْإِجْمَاعُ مُوَافِقٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. [٢٢/ ٨٣ - ٩٢]
٢٥٠٩ - وَقْتُ الْعِشَاءِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ يَتْبَعُ النَّهَارَ، فَيَكُونُ فِي الصَّيْفِ أَطْوَلَ، كَمَا أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ يَتْبَعُ اللَّيْلَ، فَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلَ.
(١) بجر (أرجلكم)، فيكون معطوفًا على مسح الرأس.