للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مَحَارِمِهَا، فَقَد جَازَ لَهَا إبْدَاءُ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ لِهَؤُلَاءِ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُكْشَفَ رَاسُهَا لِهَؤُلَاءِ وَلَا لِغَيْرِهِمْ.

وَعَكْسُ ذَلِكَ: الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالْقَدَمَانِ، لَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْدِيَ ذَلِكَ لِلْأَجَانِبِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ.

وَأَمَّا سَتْرُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَل يَجُوزُ لَهَا إبْدَاؤُهُمَا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد، فَكَذَلِكَ الْقَدَمُ يَجُوزُ إبْدَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَقْوَى.

وَتَغْطِيَةُ هَذَا فِي الصَّلَاةِ فِيهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ.

وَبِالْجُمْلَةِ: قَد ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ أَنْ تَلْبَسَ الْجِلْبَابَ الَّذِي يَسْتُرُهَا إذَا كَانَت فِي بَيْتهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا خَرَجَتْ.

وَحِينَئِذٍ فَتُصَلّي فِي بَيْتِهَا وإِن رُئيَ وَجْهُهَا وَيَدَاهَا وَقَدَمَاهَا كَمَا كُنَ يَمْشِينَ أَوَّلًا قَبْلَ الْأَمْرِ بِإِدْنَاءِ الْجَلَابِيبِ عَلَيْهِنَّ، فَلَيْسَتِ الْعَوْرَةُ فِي الصَّلَاةِ مُرْتَبِطَةً بِعَوْرَةِ النَّظَرِ لَا طَرْدًا وَلَا عَكْسًا (١).

وَابْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- لَمَّا قَالَ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الثّيَابُ، لَمْ يَقُلْ إنَّهَا كُلَّهَا عَوْرَةٌ حَتَّى ظفْرِهَا؛ بَل هَذَا قَوْلُ أَحْمَد؛ يَعْنِي: أَنَّهَا تُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يُسَمُّونَ ذَلِكَ: (بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ) (٢) وَلَيْسَ هَذَا مِن ألْفَاظِ الرَّسُولِ، وَلَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ مَا يَسْتُرُهُ الْمُصَلِّي فَهُوَ عَوْرَةٌ؛ بَل قَالَ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] (٣).


(١) فلو صلت المرأة بثوبها الساتر لبدنها، وغطت شعرها فلا بأس، ولا يلزم أن ترتدي العباءة المخصصة للصلاة.
(٢) عند حديثهم على اللبس الواجب في الصلاة.
(٣) فلم تأتِ كلمة "سَتْرُ العَوْرَة" في الكتاب أو السُّنَّة، والذي جاء في القرآن: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]. فأمر الله تعالى بأخذ الزِّينة عند الصَّلاة، وأقلُّ ما يمكن لباس يُواري السَّوأة. يُنظر: الشرح الممتع (٢/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>