للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَا؛ فَالصَّلَاةُ أَوْلَى.

فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ فِي الصَّلَاةِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ؛ الْفَخْذِ وَغَيْرِهِ، وَإِن جَوَّزنا لِلرَّجُلِ النَّظَرَ إلَى ذَلِكَ.

فَإِذَا قُلْنَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد: أَنَّ الْعَوْرَةَ السَّوْأَتَانِ، وَانَّ الْفَخْذَ لَيْسَتْ بِعَوْرَةِ: فَهَذَا فِي جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَيْهَا، لَيْسَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُل مَكْشُوفَ الْفَخْذَيْنِ سَوَاءٌ قِيلَ هُمَا عَوْرَةٌ أَو لَا، وَلَا يَطُوفَ عُرْيَانَا.

وَأَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ بَادِيَ الْفَخْذَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِزَارِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَمَن بَنَى ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْعَوْرَةِ كَمَا فَعَلَهُ طَائِفَةٌ فَقَد غَلِطُوا.

وَلهَذَا أُمِرَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْتَمِرَ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا وَجْهُهَا ويدَاهَا وَقَدَمَاهَا فَهِيَ إنَّمَا نُهِيَتْ عَن إبْدَاءِ ذَلِكَ لِلْأَجَانِبِ، لَمْ تُنْهَ عَن إبْدَائِهِ لِلنِّسَاءِ وَلَا لِذَوِي الْمَحَارِمِ.

فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِن جِنْسِ عَوْرَةِ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا لِأَجْلِ الْفُحْشِ وَقُبْحِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ.

بَل هَذَا مِن مُقَدّمَاتِ الْفَاحِشَةِ، فَكانَ النَّهْيُ عَن إبْدَائِهَا نَهْيًا عَن مُقَدّمَاتِ الْفَاحِشَةِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ: {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ} [البقرة: ٢٣٢]، وَقَالَ فِي آيَةِ الْحِجَابِ: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٣] فَنَهَى عَن هَذَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، لَا أَنَّهُ عَوْرَة مُطْلَقَة لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا غَيْرِهَا (١).

وَأَمْرُ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ بِتَغْطِيَةِ يَدَيْهَا بَعِيدٌ جِدًّا .. كَذَلِكَ الْقَدَمَانِ.

وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْخِمَارِ فَقَطْ مَعَ الْقَمِيصِ، فَكُنَّ يُصَلِّينَ بقُمُصهن وَخُمُرِهِنَّ.


(١) تنبيهٌ لطيفٌ جدًّا قلّ من يتنبه له.

<<  <  ج: ص:  >  >>