للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعَمَلِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ بِدْعَهٌ (١).

وَأَيْضا: فَالْمَقْصُودُ بِالْجَهْرِ: اسْتِمَاعُ الْمَأُمُومِينَ، وَلهَذَا يُؤَمِّنُونَ عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِ دُونَ السِّرِّ، فَإِذَا كَانُوا مَشْغُولِينَ عَنْهُ بِالْقِرَاءَةِ فَقَد أُمِرَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى قَوْمٍ لَا يَسْتَمِعُونَ لِقِرَاءَتِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُحَدِّثَ مَن لَمْ يَسْتَمِعْ لِحَدِيثِهِ، وَيَخْطُبَ مَن لَمْ يَسْتَمِعْ لِخُطْبَتِهِ، وَهَذَا سَفَهٌ تُنَزَّهُ عَنْهُ الشَّرِيعَةُ.

وَإِذَا كَانَ الْمَأمُومُ مَأْمُورًا بِالِاسْتِمَاعِ وَالْإِنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ الْأِمَامِ: لَمْ يَشْتَغِلْ عَن ذَلِكَ بِغَيْرِهَا لَا بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا دُعَاءٍ، فَفِي حَالِ جَهْرِ الْإِمَامِ لَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَتَعَوَّذُ.

وَأَمَّا فِي حَالِ الْمُخَافَتَةِ: فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِحَ، وَاسْتِفْتَاحُهُ حَالَ سُكُوتِ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِن قِرَاءَتِهِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ يُعْتَاضُ عَنْهَا بِالِاسْتِمَاعِ بِخِلَافِ الِاسْتِفْتَاحِ (٢).

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ قِرَاءَةَ الْمَأمُومِ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا (٣).


(١) تنبَّه بأن الشيخ من شدة إنكاره لهذه السكة يرى أنها بدعةٌ مُحدَثة، وليست سُنَّةً مُتّبعة.
قال العلَّامة الألباني: ومما يؤيد عدم سكوته -صلى الله عليه وسلم- تلك السكتة الطويلة قول أبي هريرة -رضي الله عنه-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر للصلاة سكت هنية، فقلت: يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال أقول: اللَّهُمَّ باعد بيني وبين خطاياي .... "، الحديث فلو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسكت تلك السكتة بعد الفاتحة بمقدارها لسألوه عنها كما سألوه عن هذه. اهـ. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (٢/ ٢٦).
تنبيه: عزا الألباني -رحمه الله- كلام شيخ الاسلام من قوله: ولم يستحب .. إلى (٢/ ١٤٦ - ١٤٧) من الفتاوى، والصواب أنه في (٢٣/ ٢٧٨).
(٢) سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: إذا جاء المصلي والإمام قد شرع في الصلاة وهو يعلم أنه إن شرع في دعاء الاستفتاح ركع الإمام ولم يتمكن من قراءة الفاتحة فما العمل؟
فأجاب بقوله: إذا جاء الإنسان ودخل مع الإمام فإنه يكبر تكبيرة الإحرام، ويستفتح ويشرع بقراءة الفاتحة ثم إن تمكن من إتمامها قبل أن يفوته الركوع فعل، فإن لم يتمكن فإنها تسقط عنه ما لم يتمكني منه؛ لأنه مسبوق في القيام، وحينئذ يكون قد أتى بالصلاة على ترتيبها المشروع حسبما أُمر به. مجموع الفتاوى (١٣/ ١١٢).
(٣) أي: أن سورة الفاتحة قد قيل بوجوب قراءتها على المأموم بخلاف دعاء الاستفتاح فهو سُنّة، فيُقدمها على دعاء الاستفتاح؛ أي: يبدأ بسورة الفاتحة قبل دعاء الاستفتاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>