للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيُقَالُ: وَكَذَلِكَ الِاسْتِفْتَاحُ هَل يَجِبُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد.

مَعَ أَنَّ تَعْلِيلَ الْأَحْكَامِ بِالْخِلَافِ (١): عِلَّةٌ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِ الْأمْرِ؛ فَإِنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ مِن الصِّفَاتِ الَّتِي يُعَلِّقُ الشَّارعُ بِهَا الْأَحْكَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ حَادِث بَعْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَكِنْ يَسْلُكهُ مَن لَمْ يَكُن عَالِمًا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِطَلَبِ الِاحْتِيَاطِ.

وَاَلَّذِينَ أَوْجَبُوا الْقِرَاءَةَ فِي الْجَهْرِ: احْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي "السُّنَنِ" عَن عبادة أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إذَا كنْتُمْ وَرَائِي فَلَا تَقْرَءُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكتَابِ فَإنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأ بِهَا". وَهَذَا الْحَدِيث مُعَلَّلٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ بِأُمُورِ كَثِيرَةٍ، ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِن الْأئِمَّةِ.

وَالْبُخَارِيُّ مِمَن بَالَغَ فِي الِانْتِصَارِ لِلْإِثْبَاتِ بِالْقِرَاءَةِ حَتَّى مَعَ جَهْرِ الْإِمَامِ (٢)؛ بَل يُوجِبُ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُهُ الشَافِعِي فِي الْجَدِيدِ وَابْنُ حَزْمٍ، وَمَعَ هَذَا فَحُجَجُهُ وَمُصَنَّفُهُ إنَّمَا تَتَضَمَّنُ تَضْعِيفَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (٣) وَتَوَابِعِهَا. [٢٣/ ٢٦٥ - ٢٨٧]

٢٥٩٤ - إِنَّ الْمُسْتَمِعَ الْمُنْصِتَ قَارِئٌ؛ بَل أَفْضَلُ مِنَ الْقَارِئِ لِنَفْسِهِ. [٢٣/ ٢٩٤]

٢٥٩٥ - مَعْلُومٌ أَنَّ النَّهْيَ عَن الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِ مُتَوَاتِرٌ عَن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَن بَعْدَهُمْ؛ كَمَا أَنَّ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي السِّرِّ مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَن بَعْدَهُمْ؛ بَل وَنَفْيُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَأُمُومِ مُطْلَقًا مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُمْ (٤). [٢٣/ ٣٠٧]


(١) أي: أنْ يُجعل الشيء واجبًا لأجل الخلاف في وجوبه، وحرامًا لأجل الخلاف في تحريمه، فيقول المفتي: هذا حرامٌ خروجًا من الخلاف، وهذا واجب خروجًا من الخلاف، على سبيل الاحتياط.
(٢) في كتابه: جزء القراءة خلف الإمام.
(٣) حيث يرى كراهة القراءة خلف الأمام مطلقًا، في الصلاةِ السرية والجهرية!
(٤) أي: أن نَفْي وُجُوبِ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْمَأُمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ في الصلاةِ السرية والجهرية مِمَّا هُوَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>