وهذا هو رأي شيخ الإسلام كما تقدّم. (١) رواه مسلم (٣٩٨). (٢) هذا الكلام صريح في أن الشيخ لا يرى وجوب الْقِرَاءَة عَلَى الْمَأْمُومِ فِي السِّرِّ لَا بالْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا، بل الوجوب في حق الإمام والمنفرد. وهذا ما نقله البعلي (ص ١٠٨) عنه حيث قال: ومن أخّر الدخول في الصلاة مع إمكانه حتى قضى الإمام القيام، أو كان القيام مُتسِّعًا لقراءة الفاتحة ولم يقرأها: فهذا تجوز صلاتُه عند جماهير العلماء. اهـ. لكنه يرى الاستحباب، كما قال -رحمه الله- في غير موضع؛ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِ الْجَهْرِ وَحَالِ الْمُخَافَتَةِ، فَيَقْرَأُ فِي حَالِ السِّرِّ، وَلَا يَقْرَأُ فِي حَالِ الْجَهْرِ، وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. (٢٣/ ٣٣٠) والشيخ يُوافق في هذا مذهب الحنفية والمالكيّة والحنابلة، حيث قال في المغني عند قول الخرقي (١/ ٤٠٦): "مَن كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْاِمَام لَهُ قِرَاءَةٌ"، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ الْقِرَاءَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْمَأْمُومِ فِيمَا جَهَرَ بِهِ الْإِمَامُ، وَلَا فَيمَا أَسَرَّ بِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَبِذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَدَاوُد: يَجِبُ؛ لِعُمُومِ قَوْلهِ -عليه السلام-: "لَاصَلَاةَ لِمَن لَا يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكتَاب" غَيْرَ أَنَّهُ خَصَّ فِي حَالِ الْجَهْرِ بِالْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ، فَفِيمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْعُمُوم. وَلنَا مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَن وَكِيعٍ، عَن سُفْيَانَ، عَن مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كَانَ لَهُ إمَامٌ فَإنَّ قِرَاءَةَ الْإمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ". اهـ. فثبت بهذا أنّ جماهير العلماء لا يرون وجوب قراءة الفاتحة في حق المأموم مطلقًا.