للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ مِن أسْبَابِ الْفُسُوقِ، وَالْآخَرُ مُؤمِنًا مِن أَهْلِ التَّقْوَى، فَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى بِالْأِمَامَةِ إذَا كَانَ مِن أَهْلِهَا، وَإِن كَانَ الْأوَّلُ أَقْرَأ وَأَعْلَمَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا نَهْيَ تَحْرِيمٍ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَنَهْيَ تَنْزِيهٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ. [٢٣/ ٣٤١]

٢٧٤٣ - الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَخَلْفَ أَهْلِ الْفُجُورِ: فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، لَكِنْ أَوْسَطُ الْأقْوَالِ فِي هَؤُلَاءِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوَاحِدِ مِن هَؤُلَاءِ فِي الْإِمَامَةِ لَا يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ.

فَإِنَّ مَن كَانَ مُظْهِرَا لِلْفُجُورِ أَو الْبِدَعِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَنَهْيُهُ عَن ذَلِكَ، وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِنْكارِ هَجْرُهُ لِيَنْتَهِيَ عَن فُجُورِهِ وَبِدْعَتِهِ.

وَلهَذَا فَرَّقَ جُمْهُورُ الْأئِمَّةِ بَيْنَ الدَّاعِيَةِ وَغَيْرِ الدَّاعِيَةِ؛ فَإِنَّ الدَّاعِيَةَ أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ فَاسْتَحَقَّ الْإِنْبهَارَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّاكِتِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَن أَسَرَّ بِالذَّنْبِ فَهَذَا لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنَّ الْخَطِيئَةَ إذَا خَفِيَتْ لَمْ تَضُرَّ إلا صَاحِبَبها وَلَكِنْ إذَا اعْلِنَتْ فَلَمْ تُنْكَرْ ضَرَّت الْعَامَّةَ؛ وَلهَذَا كَانَ الْمُنَافِقُونَ تُقْبَلُ مِنْهُم عَلَانِيَتَهُم وَتُوكَلُ سَرَائِرُهُم إلَى اللهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَن أظْهَرَ الْكُفْرَ.

فَإِذَا كَانَ دَاعِيَةً: مُنِعَ مِن وِلَايَتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَشَهَادَتِهِ وَرِوَايَتِهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن النَّهْيِ عَن الْمُنْكرِ، لَا لِأجْلِ فَسَادِ الصَّلَاةِ أَو اتِّهَامِهِ فِي شَهَادَتِهِ وَرِوَايَتِهِ (١).

فَإِذَا أمْكَنَ لِإِنْسَان أَلَّا يُقَدِّمَ مُظْهِرَا لِلْمُنْكرِ فِي الْإِمَامَةِ وَجَبَ ذَلِكَ.

لَكِنْ إذَا وَلَّاهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ صَرْفُهُ عَن الْإِمَامَةِ، أَو كَانَ هُوَ لَا يَتَمَكَّنُ


(١) هذا صريح في صحة الصلاة خَلْفَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَخَلْفَ أَهْلِ الْفُجُورِ، وهذا بخلاف ما نقله البعلي - رَحِمَهُ اللهُ - (ص ١٠٧)، عن الشيخ أنه يرى عدم صحة الصلاة خلفهم مع القدرة، وقد يكون فهم ذلك من العبارة السابقة: "الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الْأهْوَاءِ وَالْبِدَع وَخَلْفَهم أَهْلِ الْفُجُورِ: فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، لَكِنْ أَوْسَطُ الْأَقْوَالِ فِي هَؤُلَاءِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوَاحِدِ مِن هَؤُلَاءِ فِي الْإِمَامَةِ لَا يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ". اهـ.
وفرق بين منع تقديمهم في الإمامة وبين عدم صحة الصلاة خلفهم لو قُدموا.

<<  <  ج: ص:  >  >>