للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ عُثْمَانُ إذَا اعْتَمَرَ يَأْمُرُ بِرَاحِلَتِهِ فَتُهَيَّأُ لَهُ فَيَرْكَبُ عَلَيْهَا عَقِبَ الْعُمْرَةِ لِئَلَّا يُقِيمَ بِمَكَّةَ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْطِنًا بِمَكَّةَ؟

لَكِنْ قَد يَكُونُ نَفْسُ التَّأَهُّلِ مَانِعًا مِن الْقَصْرِ، وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ؛ فَإِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانوا يَقْصُرُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَخُلَفَائِهِ بِمِنَى.

وَقِيلَ: إنَّهُ خَشِيَ أَنَّ الْأعْرَابَ يَظُنُّونَ أَنَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعٌ، وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ الْأَعْرَابَ كَانُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْهَلَ مِنْهُم فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَلَمْ يُتَمِّمِ الصَّلَاةَ.

وَأَيْضًا: فَظَنُّهُم أنَّ السُّنَّةَ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَرْبَعٌ خَطَأٌ مِنْهُمْ، فَلَا يَسُوغُ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ ليَحْصُلَ بِالْمُخَالَفَةِ مَا هُوَ بِمِثْل ذَلِكَ (١).

وَعُرْوَةُ قَد قَالَ: إنَّ عَائِشَةَ تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ، وَعَائِشَةُ أَخْبَرَتْ أَنَّ الْإِتْمَامَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهَا.

أَو يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا رَآهُ مَن رَآهُ لِأَجْلِ شُقَّةِ السَّفَرِ، وَرَأَوْا أَنَّ الدُّنْيَا لَمَّا اتَّسَعَتْ عَلَيْهِم لَمْ يَحْصُلْ لَهُم مِن الْمَشَقَّةِ مَا كَانَ يَحْصُلُ عَلَى مَن كَانَ صَلَّى أَرْبَعًا، كَمَا قَد جَاءَ عَن عُثْمَانَ مِن نَهْيِهِ عَن الْمُتْعَةِ الَّتِي هِيَ الْفَسْخُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِأَجْلِ حَاجَتِهِمْ إذ ذَاكَ إلَى هَذِهِ الْمُتْعَةِ، فَتِلْكَ الْحَاجَةُ قَد زَالَتْ. [٢٤/ ١٦٠ - ١٦٢]

٢٨٢٠ - إذَا نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِالْبَلَدِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا: قَصَرَ الصَّلَاةَ؛ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، فَإِنَهُ أَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ.

وَإِن كَانَ أَكْثَرَ فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ (٢).


(١) ويُقال: كان الأولى أن يُعلمهم بأنهم مسافرون، وحق المسافر القصر، فإذا رجعتم إلى بلدكم فأتموا.
(٢) هذا الموضع الوحيد الذي مشى فيه الشيخ على رأي المذهب الحنبلي -فيما وقفت عليه-، وبظهر أنه ليس رأيه المتأخر الذي انتصر له في مواضع وفتاوى كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>