فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِهَا يَصِيرُ مُسْلِمًا وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْأَسَاسُ، وَلهَذَا جُعِلَتْ رُكْنًا فِي الْخُطَبِ:
أ- فِي خُطَبِ الصَّلَاةِ وَهِيَ التَّشَهُّدُ يخْتمُ بِقَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوُلهُ.
ب- وَفِي الْخُطَبِ خَارجَ الصَّلَاةِ؛ كَخُطْبَةِ الْحَاجَةِ: خُطْبَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
ج - وَالْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.
وَفِي "السُّنَنِ" عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ" (١).
وَاَلَّذِينَ أَوْجَبُوا ذِكْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْخُطْبَةِ كَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد قَالَ كَثِيرٌ مِنْهُم: يَجِبُ مَعَ الْحَمْدِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُم: يَجِبُ ذِكْرُهُ إمَّا بِالصَّلَاةِ وَإِمَّا بِالتَّشَهُّدِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ جَدِّي أبِي الْبَرَكَاتِ.
وَالصَّوَابُ: أَنَّ ذِكْرَهُ بِالتَّشَهُّدِ هُوَ الْوَاجِبُ؛ لِدَلَالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إيمَانٌ بِهِ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ دُعَاءٌ لَهُ، وَأَيْنَ هَذَا مِن هَذَا؟
فَقَدَّمَ فِي الْخُطَبِ الْحَمْدَ عَلَى التَّشَهُّدِ، كَمَا قَدَّمَ فِي الْفَاتِحَةِ الْحَمْدَ عَلَى التَّوْحِيدِ بِقَوْلِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥].
وَلهَذَا كَانَت خُطَبُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْتَتِحُهَا بالحمد للهِ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ إنَّمَا تُفْتَتَحُ بالحمد.
فَاَلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْخُطْبَةِ: الْحَمْدُ للهِ وَالتَّشَهُّدُ. [٢٢/ ٣٩٠ - ٣٩٤]
٢٨٣٩ - إِنَ كُلَّ قَوْمٍ كَانُوا مُسْتَوْطِنِينَ بِبِنَاءٍ مُتَقَارِبٍ لَا يَظْعَنُونَ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا
(١) رواه أبو داود (٤٨٤١)، والترمذي (١١٠٦)، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي (١١٠٦).