غَزَاة، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى فِي السَّفَرِ لَا جُمُعَةً وَلَا عِيدًا؛ بَل كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ، ويوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَد قَطُّ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيْهِ وَلَا عَلَى رَاحِلَتِهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ، وَلَا عَلَى مِنْبَرٍ كَمَا كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَد كَانَ أَحْيَانًا يَخْطُبُ بِهِم فِي السَّفَرِ خُطَبًا عَارِضَةً. [٢٤/ ١٧٧ - ١٧٨]
٢٨٤١ - يُحْتَمَل أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَن فِي الْمِصْرِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَإِن لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِم الْإِتْمَامُ، كَمَا لَو صَلَّوْا خَلْفَ مَن يُتِمُّ فَإِنَّ عَلَيْهِم الْإِتْمَامَ تبَعًا لِلْإِمَامِ، كَذَلِكَ تَجِبُ عَلَيْهِم الْجُمُعَةُ تبَعًا لِلْمُقِيمِينَ.
وَهَؤُلَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِم الْجُمُعَةُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ} [الجمعة: ٩] وَنَحْوِهَا يَتَنَاوَلُهُمْ، وَلَيْسَ لَهُم عُذْرٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مِصْرِ الْمُسْلِمِينَ مَن لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إلَّا مَن هُوَ عَاجِزٌ عَنْهَا كَالْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ، وَهَؤُلَاءِ قَادِرُونَ عَلَيْهَا؛ لَكِنِ الْمُسَافِرُونَ لَا يَعْقِدُونَ جُمُعَةً، لَكنْ إذَا عَقَدَهَا أَهْلُ الْمِصْرِ صَلَّوْا مَعَهُمْ، وَهَذَا أَوْلَى مِن إتْمَامِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ.
وَكَذَلِكَ وُجُوبُهَا عَلَى الْعَبْدِ قَوِيٌّ: إمَّا فطْلَقًا وَإِمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ.
وَالْمُسَافِرُ فِى الْمِصْرِ لَا يُصَلِّي عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِن كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ.
وَأَمَّا إفْطَارُهُ: فَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ مُفْطِرِينَ، وَمَا نقِلَ أَنَّهُم أُمِرُوا بِابْتِدَاءِ الصَّوْمِ فَالْفِطْرُ كَالْقَصْرِ؛ لِأنَّ الْفِطْرَ مَشْرُوعٌ لِلْمُسَافِرِ فِي الْإِقَامَاتِ ائتِي تَتَخَلَّلُ السَّفَرَ كَالْقَصْرِ؛ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ إلَّا فِي حَالِ السَّيْرِ، وَلأنَّ اللهَ عَلَّقَ الْفِطْرَ وَالْقَصْرَ بِمُسَمَّى السَّفَرِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَلَيْسَ فِيهِ لَفْظُ إتْمَامٍ؛ بَل فِيهِ الْفِعْلُ الَّذِي لَا عُمُومَ لَهُ، فَهُوَ مِن جِنْسِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الَّذِي يُبَاحُ لِلْعُذْرِ مُطْلَقًا، كَمَا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute