لَكِنْ هَل يَقْطَعُهُ الْمُؤْتَمُّ إذَا شَهِدَ الْمُصَلَّى لِكَوْنِهِ مَشْغُولًا بَعْدَ ذَلِكَ بِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ؟
أَو يَقْطَعُهُ بِالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ لِلِاشْتِغَالِ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ؟
أَو لَا يَقْطَعُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْخُطْبَةِ؟
فِيهِ خِلَافٌ عَن أَحْمَد وَغَيْرِهِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إلَى آخِرِ الْعِيدِ.
وَقَد قَالَ تَعَالَى فِي الْحَجِّ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨] فَقِيلَ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ: هِيَ أَيَّامُ الذَّبْحِ، وَذِكْرُ اسْمِ اللهِ: التَّسْمِيَةُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ.
وَقِيلَ: هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَن أَحْمَد وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ.
ثُمَّ ذِكْرُ اسْمِ اللهِ فِيهَا هُوَ ذِكْرُهُ فِي الْعَشْرِ بِالتَكْبِيرِ عِنْدَنَا، وَقِيلَ هُوَ ذِكْرُهُ عِنْدَ رُؤيَةِ الْهَدْيِ.
وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَخْرُجَانِ إلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ فَيُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ الْكتَابُ وَالسُّنَّةُ قَد أَمَرَا بِذِكْرِهِ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، فَهَلَّا شُرِعَ التَكْبِيرُ فِيهَا فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كَمَا شُرعَ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ؟
قِيلَ: إنَّمَا شُرعَ التَّكْبِيرُ فِي لَيْلَةِ الْفِطْرِ إلَى حِينِ انْقِضَاءِ الْعِيدِ وَلَمْ يُشْرَعْ عَقِبَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَوْكَدُ، فَاخْتُصَّ بِهِ الْعِيدُ الْكَبِيرُ، وَأَيَّامُ الْعِيدِ خَمْسَةٌ هِيَ أَيَّامُ الِاجْتِمَاعِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ مِنَى عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْب" (١)، وَقَد قَالَ تَعَالَى:
(١) صحَّحه الألباني في صحيح أبي داود (٢٤١٩).