للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٥٣]، وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَنَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا أَيَّامُ الذَّبْحِ.

وَقَد ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لَمَّا أشْرَفَ عَلَى خَيْبَرَ قَالَ: "اللهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ".

وَكَانَ يُكَبِّرُ عَلَى الْأشْرَافِ مِثْل التَّكْبِيرِ إذَا رَكِبَ دَابَّةً وَإِذَا عَلَا نَشْزًا مِنَ الْأَرْضِ وَإِذَا صَعِدَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

وَجَاءَ التَّكْبِيرُ مُكَرَّرًا فِي الْأَذَانِ فِي أَوَّلهِ وَفِي آخِرِهِ.

وَفِي أثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَهُوَ حَالُ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالْقِيَامِ إلَيْهَا.

فَالتَّكْبِيرُ شُرعَ أَيْضًا لِدَفْعِ الْعَدُوِّ مِن شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالنَّارِ الَّتِي هِيَ عَدُوٌّ لَنَا، وَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ التَّكْبِيرَ مَشْرُوعٌ فِي الْمَوَاضِعِ الْكِبَارِ لِكَثْرَةِ الْجَمْعِ، أَو لِعَظَمَةِ الْفِعْلِ، أَو لِقُوَّةِ الْحَالِ، أَو نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأمُورِ الْكَبِيرَةِ؛ لِيُبَيِّنَ أَنَّ اللهَ أَكْبَرُ، وَتَسْتَوْلِيَ كِبْرِيَاؤُهُ فِي الْقُلُوبِ عَلَى كِبْرِيَاءِ تِلْكَ الْأُمُورِ الْكِبَارِ، فَيَكُونُ الدّينُ كُلّهُ للهِ، ويكُونُ الْعِبَادُ لَهُ مُكَبّرِينَ، فَيَحْصُلُ لَهُم مَقْصُودَانِ:

أ- مَقْصُودُ الْعِبَادَةِ بِتَكْبِيرِ قُلُوبِهِم للهِ.

ب- وَمَقْصُودُ الِاسْتِعَانَةِ بِانْقِيَادِ سَائِرِ الْمَطَالِبِ لِكِبْرِيَائِهِ.

فَجِمَاعُ هَذَا: أَنَّ التكْبِيرَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ كُلّ أَمْرٍ كَبِيرٍ مِن مَكَانٍ وَزَمَانٍ، وَحَالٍ وَرِجَالٍ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ اللهَ أَكْبَرُ لِتَسْتَوْلِيَ كِبْرِيَاؤُهُ فِي الْقُلُوبِ عَلَى كِبْرِيَاءِ مَا سِوَاهُ، ويَكُونَ لَهُ الشَّرَفُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ. [٢٤/ ٢٢٣ - ٢٣٠]

٢٨٥٨ - ذِكْرُ الْأَعْيَادِ اجْتَمَعَ فِيهِ التَّعْظِيمُ وَالنِّعْمَةُ، فَجَمَعَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْحَمْدِ؛ فَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا.

وَقَد رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّه كَانَ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>