للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالرُّوحُ تُشْرِفُ عَلَى الْقَبْرِ وَتُعَادُ إلَى اللَّحْدِ أَحْيَانًا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِن رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عليه السلام" (١).

وَالْمَيِّتُ فَد يَعْرِفُ مَن يَزُورُهُ. [٢٤/ ٣٠٤ - ٣٠٥]

٢٨٩٣ - الْأَئِمَّةُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ تَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ؛ كَالْعِتْقِ.

وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ؛ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْقِرَاءَةِ (٢)، وَمَعَ هَذَا فَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٣) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صِيَامُ نَذْرٍ، قَالَ: "أَرَأَيْت إنْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ فقضيتيه أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا؟ "، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فَصُومِي عَن أُمِّك".

وَفِي "الصَّحِيحِ" (٤) عَنْهُ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَت إلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: إنَّ أُخْتِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: "أَرَأَيْت لَو كَانَ عَلَى أُخْتِك دَيْنٌ أَكُنْت تَقْضِيهِ؟ "، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "حَقُّ اللهِ أَحَقُّ بالوفاء".

وَفِي "الصَّحِيحَيْن" (٥) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ امْرَأَةً مِن جُهَيْنَةَ جَاءَت إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ فَقَالَ: "حُجِّي عَنْهَا".

فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ: أَنَّهُ أَمَرَ بِحَجِّ الْفَرْضِ عَنِ الْمَيِّتِ وَبِحَجِّ النَّذْرِ، كَمَا أَمَرَ بِالصِّيَامِ، وَأَنَّ الْمَأْمُورَ تَارَةً يَكُونُ وَلَدَا، وَتَارَةً يَكُونُ أَخًا، وَشَبَّهَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَلِكَ بِالدَّيْنِ يَكُونُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالدَّيْنُ يَصِحُّ قَضَاؤُهُ مِن كُلِّ أَحَدٍ،


(١) قال الشيخ رحمهُ اللهُ في حقوق آل البيت (٦٠): ثابت.
(٢) رجح الشيخ رحمهُ اللهُ إنها تصل كما سيأتي.
(٣) رواه مسلم (١١٤٨)، ولم أجده عند البخاري.
(٤) رواه الترمذي (٧١٦)، والبخاري في العلل الكبير (١١٤).
(٥) رواه البخاري (١٨٥٢)، ولم أجده عند مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>