للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٤٠ - ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (١) عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ". وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٢) عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ: "هَل وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ "، وَقَالَ: "إنَّهُم يَسْمَعُونَ الْآنَ مَا أَقُولُ".

فَهَذِهِ النُّصُوصُ وَأَمْثَالُهَا تُبَيِّنُ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ فِي الْجُمْلَةِ كَلَامَ الْحَيِّ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّمْعُ لَهُ دَائِمًا؛ بَل قَد يَسْمَعُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، كَمَا قَد يَعْرِضُ لِلْحَيِّ فَإِنَّهُ قَد يَسْمَعُ أَحْيَانًا خِطَابَ مَن يُخَاطِبُهُ وَقَد لَا يَسْمَعُ لِعَارِضٍ يَعْرِضُ لَهُ، وَهَذَا السَّمْعُ سَمْعُ إدْرَاكٍ لَيْسَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَزَاءٌ، وَلَا هُوَ السَّمْعُ الْمَنْفِيُّ بِقَوْلِهِ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: ٨٠]، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ سَمْعُ الْقَبُولِ وَالِامْتِثَالِ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ الْكَافِرَ كَالْمَيِّتِ الَّذِي لَا يَسْتَجِيبُ لِمَن دَعَاهُ، وَكَالْبَهَائِمِ الَّتِي تَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا تَفْقَهُ الْمَعْنَى؛ فَالْمَيِّتُ وَإِن سَمِعَ الْكَلَامَ وَفَقِهَ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إجَابَةُ الدَّاعِي وَلَا امْتِثَالُ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ لَا يَنْتَفِعُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَإِن سَمِعَ الْخِطَابَ وَفَهِمَ الْمَعْنَى. [٢٤/ ٣٦٤]

٢٩٤١ - وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: هَل تُعَادُ رُوحُهُ إلَى بَدَنِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ (٣) أَمْ تَكُونُ


= للزِّيَارَةِ، فَالْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ فِي الدَّهْرِ لَا تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ وَلَا تَكونُ الْمَرْأةُ زَائِرَةً، وَيَقُولُونَ: عَائِشَةُ زَارَتْ مَرَّةَ وَاحِدَةً وَلَمْ تَكُنْ زَوَّارَةً.
وممن قال بهذا من المعاصرين: العلَّامة الألباني رَحِمَهُ اللهُ.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيم: فَيَقُولُونَ قَد جَاءَ بِلَفْظِ: "الزَّوَّارَاتِ" وَلَفْظُ: "الزَّوَّارَاتِ" قَد يَكُونُ لِتَعَدُّدِهِنَّ، كَمَا يُقَالُ: فَئحْتُ الْأَبْوَابَ، إذ لِكُلِّ بَابٍ فَتْحٌ يَخُصُّهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧٣]، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِكُلِّ بَابِ فَتْحًا وَاحِدًا.
قَالُوا: وَلأَنَّهُ لَا ضَابِطَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا يُحَرَّمُ وَمَا لَا يُحَرَّمُ وَاللَّعْنُ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ.
يُنظر: مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٥٤ - ٣٥٥)، وكتاب الجنائز للألباني (١٨٠ - ١٨٦).
(١) رواه البخاري (١٣٣٨)، مسلم (٢٨٧٠).
(٢) رواه البخاري (٤٠٢٦)، ومسلم (٢٨٧٣).
(٣) أي: إذا زاره أحدٌ وسلّم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>