للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَيُّ حَرَج عَلَى مَن سُئِلَ عَن مَسْأَلَةٍ فَذَكَرَ فِيهَا خِلَافَ الْفُقَهَاءِ، وَمَالَ فِيهَا إلَى بَعْضِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ؟ فَإِنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ وَتَعَاقُبِ الدُّهُورِ.

جَوَابٌ آخَرُ لِبَعْضِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ الْمَالِكِيَّةِ: اللَّهمَّ إنَّ بَابَك لَمْ يَزَلْ مَفْتُوحًا لِلسَّائِلِينَ، وَرِفْدَك مَا بَرِحَ مَبْذُولًا لِلْوَافِدِينَ، مَن عَؤَدْته مَسْأَلَتَك وَحْدَك، لَمْ يَسْأَلْ أَحَدًا سِوَاك، وَمَن مَنَحْته منائح رِفْدِك، لَمْ يَفِدْ عَلَى غَيْرِك، وَلَمْ يَحْتَمِ إلَّا بِحِمَاك، أَنْتَ الرَّبُّ الْعَظِيمُ الْكَرِيمُ الْأَكْرَمُ، قَصْدُ بَابِ غَيْرِك عَلَى عِبَادِك مُحَرَّمٌ، أَنْتَ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُك، وَلَا مَعْئودَ سِوَاك، عَزَّ جَارُك، وَجَلَّ ثَنَاؤُك، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُك، وَعَظُمَ بَلَاؤُك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك، وَلَمْ تَزَلْ سُنَّتُك فِي خَلْقِك جَارِيةً بِامْتِحَانِ أَوْليَائِك وَأَحْبَابِك، تَفَضُّلًا مِنْك عَلَيْهِمْ، وَإِحْسَانًا مِن لَدُنْك إلَيْهِمْ؛ لِيَزْدَادُوا لَك فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ ذِكْرًا، وَلِإِنْعَامِك فِي جَمِيعِ التَّقَلُّبَاتِ شُكْرًا، وَلَكِنَ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣].

اللَّهُمَّ .. قَد عَلِمْتَ يَا عَالِمَ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ أَنَّ قُلُوبَنَا لَمْ تَزَلْ تَرْفَعُ إخْلَاصَ الدُّعَاءِ صَادِقَةً، وَأَلْسِنَتَنَا فِي حَالَتَي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ نَاطِقَةٌ، أَنْ تُسْعِفَنَا بِإِمْدَادِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ الْمُبَارَكَةِ الْمَيْمُونَةِ السُّلْطَانِيَّةِ النَّاصِرِيَّةِ، بِمَزِيدِ الْعُلَا وَالرِّفْعَةِ وَالتَّمْكِينِ.

وَاَلَّذِي حَمَلَ عَلَى رَفْعِ هَذ الْأَدْعِيَةِ الصَّرِيحَةِ إلَى الْحَضْرَةِ الشَّرِيفَةِ -وَإِن كَانَت لَمْ تَزَلْ مَرْفُوعَةً إلَى اللهِ سُبْحَانَهُ بِالنِّيَّةِ الصَّحِيحَةِ- قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"، قِيلَ: لِمَن يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "للهِ وَلرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" (١)، وَقَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" (٢)، فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مَشْهُورَانِ بِالصِّحَّةِ وَمُسْتَفِيضَانِ فِي الْأُمَّةِ.


(١) أخرجه مسلم (٥٥).
(٢) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>