الْأَوّلُ: أَنَّهُ نَقَلَ عَن الْجَوَابِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَرَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَى ذَلِكَ النَّقْلِ الْبَاطِلِ، وَمِثْلُ هَذَا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ؛ فَإِنَّهُ نَقَلَ أَنَّ الْمُجِيبَ قَالَ: إنَّ زِيارَةَ الْأَنْبِيَاءِ بِدْعَةٌ، أَو أَنَّهُ ذَكَرَ نَحْو ذَلِكَ، وَالْمُجِيبُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا نَقَلَ ذَلِكَ عَن أَحَدٍ مِن الْعُلَمَاءِ؛ وَإنَّمَا فِي الْجَوَابِ ذِكْرُ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ فِيمَن سَافَرَ لِمُجَرَّدِ زِيارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ: هَل يَحْرُمُ هَذَا السَّفَرُ أَو يَجُوزُ، وَأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَبِّ، وَالطَّائِفَتَانِ لَمْ يَقُولَا ذَلِكَ فِي الزِّيَارَةِ الْمُطْلَقَةِ؛ بَل جُمْهُورُهُم يَقُولُونَ: إنَّ زِيارَةَ الْقُبُورِ مُسْتَحَبَّةٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ.
وَلَكِنْ لَا يَقولُونَ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ إلَيْهَا.
وَالْمُجِيبُ لَمْ يَذْكُرْ لِنَفْسِهِ فِي الْجَوَابِ قَوْلًا؛ بَل حَكَى أَقْوَالَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَدِلَّتَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ نَقَلُوا عَنْهُ مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا لَا يُنَازَعُ فِيهِ، وَأَخْطَؤُوا فِيمَا نَقَلُوهُ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّ الْأَحْكَامَ الْكُلِّيَّةَ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ -سَوَاءٌ كَانَت مُجْمَعًا عَلَيْهَا أَو مُتَنَازَعًا فِيهَا- لَيْسَ لِلْقُضَاةِ الْحُكْمُ فِيهَا؛ بَل الْحَاكِمُ الْعَالِمُ كَآحَادِ الْعُلَمَاءِ، يَذْكُرُ مَا عِنْدَهُ مِن الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ الْقَاضِي فِي أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ.
وَأَمَّا كَوْنُ هَذَا الْعَمَلِ وَاجِبًا أَو مُسْتَحَبًّا أَو مُحَرَّمًا فَهَذَا مِن الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي لَيْسَ لِأَحَد فِيهَا حُكْمٌ إلَّا للهِ وَرَسُولِهِ.
وَهَؤُلَاءِ حَكَمُوا فِي الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ وَحُكْمُهُم فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ.
الرَّابعَ عَشَرَ: أَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذ الْمَسَائِلِ الْكُلِّيَّةِ إنَّمَا يَجُوزُ لِمَن كَانَ عَالِمًا بِأَقْوَالِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا، وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ، عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِمَا.
وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُم لَا يَعْرِفُونَ مَا قَالَهُ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute