للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَةٍ: "فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ والوطية وَالسَّابِلَةَ"؛ يَعْنِي: أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَتَبَرَّعُ بِمَا يُعَرِّيهِ مِنَ النَّخْلِ لِمَن يَأُكلُهُ وَعَلَيْهِ ضَيْفٌ يَطَئُونَ حَدِيقَتَهُ يُطْعِمُهُم وَيُطْعِمُ السَّابِلَةَ وَهُم أَبْنَاءُ السَّبِيلِ، وَهَذَا الْإِسْقَاطُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِن فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ (١).

نَعَمْ، لَو بَاعَ عِنَبَهُ أَو رُطَبَهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَقَد نَصَّ أَحْمَد فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَّنَّهُ يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ عُشْرِ الثَّمَنِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاج عِنَبٍ أَو زَبِيبٍ، فَإِنَّ فِي إخْرَاجِ الْقِيمَةِ نِزَاعًا فِي مَذْهَبِهِ، وَنُصُوصُهُ الْكَثِيرَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يَجُوزُ بِدُونِ الْحَاجَةِ. [٢٥/ ٥٦ - ٥٧]

٢٩٨٣ - الزَّكَاةُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ: هَل هِيَ جَائِزَةٌ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قَوْلُ مَن قَالَ: إنَّهَا لَا تَجُوزُ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهَا نَوْعٌ مِنَ الْإِجَارَةِ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَولُ مَن يُجَوِّزُ الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ وَيَقُولُ: إنَّ هَذِهِ مُشَارَكَةٌ، وَهِيَ جِنْسٌ غَيْرُ جِنْسِ الْإِجَارَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا قَدْرُ النَّفْعِ وَالْأُجْرَةِ، فَإنَّ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ لَيْسَ بِمَقْصُود بَلِ الْمَقْصُودُ هُوَ الثَّمَرُ الَّذِي يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَلَكِنَّ هَذَا شَارَكَ بِنَفْعِ مَالِهِ وَهَذَا بِنَفْعِ بَدَنِهِ وَهَكَذَا الْمُضَارَبَةُ.

فَعَلَى هَذَا: فَإِذَا افْتَرَقَ أَصْحَابُ هَذِهِ الْعُقُودِ وَجَبَ لِلْعَامِلِ قِسْطُ مِثْلِهِ مِنَ


= وَمِنَ التَّمْرِ، كَذَا، وَكَذَا، فَيُحْصِي عَلَيْهِم وَينْظُرُ مَبْلَغَ العُشْرِ مِن ذَلِكَ فَيُثْبِتُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُخَلِّي بَيْنَهُم وَبَيْنَ الثِّمَارِ، فَيَصْنَعُونَ مَا أَحَبُّوا، فَإِذَا أدْرَكَتِ الثِّمَارُ، أُخِذَ مِنْهُمُ العُشْرُ، هَكَذَا فَسَّرَهُ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ، وَبِهَذَا يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. اهـ.
(١) قال العلَّامة ابن عثيمين رَحِمَه الله: هل المراد منه إسقاط الزكاة في هذا القدر من الثمر، أو المراد أن يجعل الثلث من الزكاة للمالك يتصرف فيه؟
الصحيح: أن هذا ليس من باب الإسقاط، بل جُعل التصرف فيه للمالك؛ لأنه قد يكون للمالك أقارب وأصحاب، وما أشبه ذلك يعطيهم من الزكاة، ويدل على أن هذا هو القول الراجح، عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فيما سقت السماء العشر". الشرح الممتع (٦/ ٩٠ - ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>