وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُم قُتِلُوا وَلَا مَاتُوا؛ بَل قَالَ: "صُفِّدَتْ" وَالْمُصَفَّدُ مِن الشَّيَاطِينِ قَد يُؤْذِي، لَكِنَّ هَذَا أَقَلُّ وَأَضْعَفُ مِمَّا يَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، فَهُوَ بِحَسَبِ كَمَالِ الصَّوْمِ وَنَقْصِهِ، فَمَن كَانَ صَوْمُهُ كَامِلًا دَفَعَ الشَّيْطَانَ دَفْعًا لَا يَدْفَعُهُ دَفْعُ الصَّوْمِ النَّاقِصِ. [٢٥/ ٢٤٦]
٣٠٦١ - لمْ يَصُمْ -صلى الله عليه وسلم- رَمَضَانَ إلَّا تِسْعَ مَرَّاتِ، فَإِنَّهُ فُرِضَ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِن الْهِجْرَةِ بَعْدَ أنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأوَّلِ مِن السَّنَةِ الْأُولَى، وَقَد تَقَدَّمَ عَاشُورَاءُ فَلَمْ يَأْمُرْ ذَلِكَ الْعَامَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا أَهَلَّ الْعَامُ الثَّانِي أَمَرَ النَّاسَ بصِيَامِهِ .. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ أمْرَ إيجَابٍ اُبْتُدِئَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ مِن اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي أثْنَاءِ الْحَوْلِ- رَجَبٍ أو غَيْرِهِ- فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَغَزَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ذَلِكَ الْعَامَ -أوَّلُ شَهْرٍ فُرِضَ- غَزْوَةَ بَدْرٍ وَكَانَت يَوْمَ الْجُمْعَةِ لسبع عَشَرَةَ خَلَتْ مِن الشَّهْرِ، فَلَمَّا نَصَرَهُ اللهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أقَامَ بِالْعَرْصَةِ بَعْدَ الْفَتْح ثَلَاثًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْعَشْرُ وَهُوَ فِي السَّفَرِ، فَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَبْقَ مِن الْعَشْرِ إلَّا أقَلُّهُ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ ذَلِكَ الْعَشْرَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ فِي تَمَامِهِ مَشْغُولًا بِأَمْرِ الْأَسْرَى وَالْفِدَاءِ. [٢٥/ ٢٩٥ - ٢٩٦]
٣٠٦٢ - إذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ أفْطَرَ الصَّائِمُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحُمْرَةِ الشَّدِيدَةِ الْبَاقِيَةِ فِي الْأفُقِ .. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-:"إذَا أقْبَلَ اللَّيْلُ مِن هَاهُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِن هَاهُنَا وَغَرَبَت الشَّمْسُ فَقَد أَفْطَرَ الصَّائِمُ" (١). [٢٥/ ٢١٥]
٣٠٦٣ - إذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .. : فَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَنِ يَسِيرٍ.
وَإِن شَكَّ: هَل طَلَعَ الْفَجْرُ أو لَمْ يَطْلُعْ؟ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيشْرَبَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الطُّلُوعَ، وَلَو عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ نِزَاعٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّابِتُ عَن عُمَرَ. [٢٥/ ٢١٦ - ٢١٧]
(١) رواه البخاري (٥٢٩٧)، ومسلم (١١٠٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute