للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ عَن مُوسَى: {يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: ٨٤].

وَقَالَ فِي خَبَرِ الْمَسِيحِ: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (١١١)} [المائدة: ١١١].

وَقَالَ فِيمَن تَقَدَّمَ مِن الْأَنْبِيَاءِ: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} [المائدة: ٤٤].

وَقَالَ عَن بلقيس أَنَّهَا قَالَتْ: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: ٤٤].

فَالْإِسْلَامُ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِسْلَامَ للهِ وَحْدَهُ، فَمَن اسْتَسْلَمَ لَهُ وَلغَيْرِهِ كَانَ مُشْرِكًا، وَمَن لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ كَانَ مُسْتَكْبِرًا عَن عِبَادَتِهِ، وَالْمُشْرِكُ بِهِ وَالْمُسْتَكْبِرُ عَن عِبَادَتِهِ كَافِرٌ.

وَالِاسْتِسْلَامُ لَهُ وَحْدَهُ: يَتَضَمَّنُ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ وَطَاعَتَهُ وَحْدَهُ.

فَهَذَا دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللهُ غَيْرَهُ؛ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يُطَاعَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِذَا أَمَرَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الصَّخْرَةِ ثُمَّ أَمَرَنَا ثَانِيًا بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ: كَانَ كُلٌّ مِن الْفِعْلَيْنِ حِينَ أَمَرَ بِهِ دَاخِلًا فِي الْإِسْلَامِ.

فَالدِّين هُوَ الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ لَهُ فِي الْفِعْلَيْنِ.

فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ دِينُهُم وَاحِدٌ، وَإِن تَنَوَّعَت الشِّرْعَةُ وَالْمِنْهَاجُ وَالْوَجْهُ وَالْمَنْسَكُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ وَاحِدًا.

وَقَد تَنَازَعَ النَّاسُ فِيمَن تَقَدَّمَ مِن أُمَّةِ مُوسَى وَعِيسَى: هَل هُم مُسْلِمُونَ أَمْ لَا؟ وَهُوَ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ الْخَاصَّ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- الْمُتَضَمِّن لِشَرِيعَةِ الْقُرْآنِ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا أُمَّة مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-.

وَالْإِسْلَامُ الْيَوْمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَتَنَاوَلُ هَذَا، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ الْعَامُّ الْمُتَنَاوِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>