للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٣ - لَا بُدَّ مِن الْإِيمَانِ بِخَلْقِ اللهِ وَأَمْرِهِ (١)، فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا باللهِ.

وَقَد عَلِمَ مَا سَيَكونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، وَقَدَّرَ الْمَقَادِيرَ وَكَتَبَهَا حَيْثُ شَاءَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} [الحج: ٧٠].

وَفِي "الصَّحِيح" (٢) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ اللهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَاِئقِ (٣) قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ".

وَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا خَلَقَ الْجنَّ وَالْإِنْسَ لِعِبَادَتِهِ، وَبِذَلِكَ أرْسَلَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَعِبَادَتهُ تَتَضَمَّنُ كَمَالَ الذُّلِّ وَالْحُبِّ لَهُ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ طَاعَتِهِ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠].

وَهَذَا الدِّينُ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَل اللهُ دِينًا غَيْرَهُ، لَا مِن الْأَوَّلينَ وَلَا مِن الآخرين؛ فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى عَن نُوحٍ {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [النمل: ٩١].

وَقَالَ عَن إبْرَاهِيمَ: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١)} [البقرة: ١٣١]، إلَى قَوْلِهِ: {فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٢].


(١) وهذا هو الأصل الثاني من مادة التدمرية، وَهُوَ التَّوْحِيدُ فِي الْعِبَادَاتِ، الْمُتَضَمِّنُ لِلْإيمَانِ بالشَّرْع وَالْقَدَرِ جَمِيعًا.
وَالأصَل الأول: هو توحيد الصفات.
(٢) مسلم (٢٦٥٣).
(٣) قال -رحمه الله-: وَهَذَا التَّقْدِيرُ بَعْدَ وُجُودِ الْعَرْشِ، وَقَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بخَمْسِينَ ألْفِ سَنَةٍ (٦/ ٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>