للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هُنَا اسْتِيفَاءَ مَا يَثْبُتُ لَهُ وَلَا مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ وَاسْتِيفَاءَ طُرُقِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى جَوَامِعِ ذَلِكَ وَطُرُقِهِ.

وَمَا سَكَتَ عَنْهُ السَّمْعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَلَمْ يَكن فِي الْعَقْلِ مَا يُثْبِتُهُ وَلَا يَنْفِيه: سَكَتْنَا عَنْهُ، فَلَا نُثْبِتُهُ وَلَا نَنْفِيه.

فَنُثْبِتُ مَا عَلِمْنَا ثُبُوتَهُ، وَنَنْفِي مَا عَلِمْنَا نَفْيَهُ، وَنَسْكُتُ عَمَّا لَا نَعْلَمُ نَفْيَهُ وَلَا إثْبَاتَهُ. [٣/ ٦٩ - ٨٨]

الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ: أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَثِيرًا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَيْضًا، وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْعَقْلُ وُيرْشِدُ إلَيْهِ وُينَبِّهُ عَلَيْهِ؛ كَمَا ذَكَرَ اللهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.

فَإِنَّهُ -سبحانه وتعالي-: بَيَّنَ مِن الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْرَيهِ وَعِلْمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا أَرْشَدَ الْعِبَادَ إلَيْهِ وَدَلَّهُم عَلَيْهِ؛ كَمَا بَيَّنَ أَيْضًا مَا دَلَّ عَلَى نُبُوَّةِ أَنْبِيَائِهِ، وَمَا دَلَّ عَلَى الْمُعَادِ وَإِمْكَانِهِ.

فَهَذِهِ الْمَطَالِبُ هِيَ شَرْعِيَّةٌ مِن جِهَتَيْنِ:

- مِن جِهَةِ أَنَّ الشَّارعَ أَخْبَرَ بِهَا.

- وَمِن جِهَةِ أَنَّهُ بَيَّنَ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَيْهَا.

وَالْأَمْثَالُ الْمَضْرُوبَةُ فِي الْقُرْآنِ: هِيَ أَقْيِسَةٌ عَقْلِيَّةٌ، وَهِيَ أَيْضًا عَقْلِيَّةٌ مِن جِهَةِ أَنَّهَا تُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَيْضًا.

وَكَثِيرٌ مِن أَهْلِ الْكَلَامِ يُسَمِّي هَذِهِ الْأُصُول الْعَقْلِيَّة لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا بِالْعَقْلِ فَقَطْ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ مِن صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى مَا قَد يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ، كَمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ عَالِمٌ وَأَنَّهُ قَادِرٌ وَأَنَّهُ حَيٌّ؛ كَمَا أَرْشَدَ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: ١٤]. [٣/ ٨٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>