للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبِالْجُمْلَةِ: هَل يُشْتَرَطُ لِلطَّوَافِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ:

أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ؛ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا.

وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِطِينَ فِي الطَّوَافِ كَشُرُوطِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مَعَهُم حُجَّةٌ إلَّا قَوْلَه -صلى الله عليه وسلم-: "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ"، وَهَذَا لَو ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَكن لَهُم فِيهِ حُجَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. [٢٦/ ١٨٢ - ٢١٨]

٣٢٤٦ - إِنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَحْتَبِسَ حَتَى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَعَلَى مَن مَعَهَا أَنْ يَحْتَبِسَ لِأَجْلِهَا إذَا أمْكنَهُ ذَلِكَ (١)، وَلَمَّا كَانَت الطُّرُقَاتُ آمِنَةً فِي زَمَنِ السَّلَفِ وَالنَّاسُ يَرِدُونَ مَكَّةَ وَيصْدُرُونَ عَنْهَا فِي أَيَّامِ الْعَامِ كَانَت الْمَرْأَةُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْتَبِسَ هِيَ وَذُو مَحْرَمِهَا وَمُكَارِيهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَطُوفَ، فَكَانَ الْعُلَمَاءُ يَأْمُرُونَ بِذَلِكَ.

وَأَمَّا هَذِهِ الْأَوْقَاتُ: فَكَثِيرٌ مِنَ النِّسَاءِ أَو أَكْثَرُهُنَّ لَا يُمْكنُهَا الِاحْتِبَاسُ بَعْدَ الْوَفْدِ، وَالْوَفْدُ يَنْفِرُ بَعْدَ التَّشْرِيقِ بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَةٍ، وَتَكُونُ هِيَ قَد حَاضَتْ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَلَا تَطْهُرُ إلَى سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَو أَكْثَرَ، وَهِيَ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُقِيمَ بِمَكَّةَ حَتَّى تَطْهُرَ؛ إمَّا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ، أو لِعَدَمِ الرُّفْقَةِ ائَتِي تُقِيمُ مَعَهَا وَتَرْجِعُ مَعَهَا، وَلَا يُمْكِنُهَا الْمُقَامُ بِمَكَّةَ لِعَدَمِ هَذَا أو هَذَا، أَو لِخَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهَا.

فَيَتَوَجَّهُ أنْ يُقَالَ: إنَّمَا تَفْعَلُ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِن الْوَاجِبَاتِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا تَعْجِزُ عَنْهُ فَتَطُوفُ، وَينْبَغِي أَنْ تَغْتَسِلَ -وَإِن كَانَت حَائِضًا- كَمَا تَغْتَسِلُ لِلْإِحْرَامِ وَأوْلَى، وَتَسْتَثْفِرُ كَمَا تَسْتَثْفِرُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَأَوْلَى.

وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةُ الْأُصُولِ وَالنُّصُوصِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ


(١) قال الشيخ في موضع آخر: لَو أمْكَنَهَا أنْ تُقِيمَ بِمَكَّةَ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ وَجَبَ ذَلِكَ بِلَا رَيْبٍ. اهـ. (٢٦/ ٢٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>