للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى كَانَ مِن عَهْدِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام، لَكِنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام بَنَاهُ بِنَاءً عَظِيمًا، فَكُلٌّ مِن الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ بَنَاهُ نَبِيٌّ كَرِيمٌ لِيُصَلِّيَ فِيهِ هُوَ وَالنَّاسُ.

فَلَمَّا كَانَت الْأَنْبِيَاءُ عليهم السلام تَقْصِدُ الصَّلَاةَ فِي هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ شرعَ السَّفَرُ إلَيْهِمَا لِلصَّلَاةِ فِيهِمَا وَالْعِبَادَةِ اقْتِدَاءً بِالْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَتَأَسّيًا بِهِمْ.

كَمَا أَنَّ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عليه السلام لَمَّا بَنَى الْبَيْتَ وَأَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِحَجِّهِ، فَكَانُوا يُسَافِرُونَ إلَيْهِ مِن زَمَنِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَلَمْ يَكُن ذَلِكَ فَرضًا عَلَى النَّاسِ فِي أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ، كَمَا لَمْ يَكُن ذَلِكَ مَفْرُوضًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا فَرَضَهُ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فِي آخِرِ الْأَمْرِ لَمَّا نَزَلَتْ "سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ".

وَلَمْ يَبْنِ أَحَدٌ مِن الْأَنْبِيَاءِ عليه السلام مَسْجِدًا وَدَعَا النَّاسَ إلَى السَّفَرِ لِلْعِبَادَةِ فِيهِ إلَّا هَذِهِ الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ، وَلَكِنْ كَانَ لَهُم مَسَاجِدُ يُصَلُّونَ فِيهَا وَلَمْ يَدْعُوا النَّاسَ إلَى السَّفَرِ إلَيْهَا كَمَا كَانَ إبْرَاهِيمُ عليه السلام يُصَلِّي فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنَّمَا دَعَا النَّاسَ إلَى حَجِّ الْبَيْتِ، وَلَا دَعَا نَبِيٌّ مِن الْأَنْبِيَاءِ إلَى السَّفَرِ إلَى قَبْرِهِ وَلَا بَيْتِهِ وَلَا مَقَامِهِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِن آثَارِهِ.

وَلهَذَا لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ وَاحِدٍ مِن هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثلَاثَةِ عَن مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ فَفَضِيلَتُهَا مِن أَنَّهَا مَسْجِدٌ للهِ، وَبَيْتٌ يُصَلَّى فِيهِ، وَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَسَاجِدِ. [٢٧/ ٣٥١ - ٣٥٣]

٣٢٩١ - وأما زِيارَةُ الْمَسَاجِدِ الَّتِي بُنِيَتْ بِمَكَّةَ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .. فَلَيْسَ قَصْدُ شَيءٍ مِن ذَلِكَ مِن السُّنَّةِ، وَلَا اسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ مِن الْأَئِمَّةِ،. وَكَذَلِكَ قَصْدُ الْجِبَالِ وَالْبِقَاعِ الَّتِي حَوْلَ مَكَّةَ -غَيْرِ الْمَشَاعِرِ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى- مِثْل جَبَلِ حِرَاءَ، وَالْجَبَلِ الَّذِي عِنْدَ مِنَى الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِيهِ قُبَّةُ الْفِدَاءِ وَنَحْو ذَلِكَ: فَإِنَّهُ لَيْسَ مِن سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- زَيارَةُ شَيْءٍ مِن ذَلِكَ؛ بَل هُوَ بِدْعَةٌ، وَكَذَلِكَ مَا يُوجَدُ فِي الطُّرُقَاتِ مِن الْمَسَاجِدِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْآثَارِ وَالْبِقَاعِ الَّتِي يُقَالُ إنَّهَا مِن الْآثَارِ لَمْ يَشْرَعِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- زيَارَةَ شَيءٍ مِن ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ وَلَا زِيارَةَ شَيءٍ مِن ذَلِكَ. [٢٦/ ١٤٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>