للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٢٩٢ - إِذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ الْحَجّ أَو بَعْدَهُ: فَإِنَّهُ يَأْتِي مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَيُصَلِّي فِيهِ، وَالصَّلَاةُ فِيهِ خَيْرٌ مِن أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَيْهِ وَإِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.

وَمَسْجِدُهُ كَانَ أَصْغَرَ مِمَّا هُوَ الْيَوْمَ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، لَكِنْ زَادَ فِيهِمَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَن بَعْدَهُمْ، وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْمَزِيدِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ.

ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَصَاحِبَيْهِ فَإِنَّهُ قَد قَالَ: "مَا مِن رَجُلٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (١) وَغَيْرُهُ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْن عُمَرَ يَقُولُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ: "السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكرٍ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتِ" ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ.

وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ مُسْتَدْبِرِي الْقِبْلَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد، وَأبُو حَنِيفَةَ قَالَ: يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَلِمُ الْحُجْرَةَ وَلَا يُقَبِّلُهَا وَلَا يَطُوفُ بِهَا وَلَا يُصَلِّي إلَيْهَا.

وَلَا يَدْعُو هُنَاكَ مُسْتَقْبِلَ الْحُجْرَةِ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.

وَلَا يَقِفُ عِنْدَ الْقَبْرِ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ هَذَا بِدْعَةٌ، وَلَمْ يَكُن أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ يَقِفُ عِنْدَهُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ، وَلَكِنْ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ الْقِبْلَةَ وَيدْعُونَ فِي مَسْجِدِهِ، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثنًا يُعْبَدُ" (٢).

فَدَفَنَتْهُ الصَّحَابَةُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ مِن حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَكَانَت هِيَ وَسَائِرُ الْحُجَرِ خَارجَ الْمَسْجِدِ مِن قِبْلِيِّهِ وَشَرْقِيِّهِ، لَكنْ لَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ


(١) (٢٠٤١)، وحسَّنه الألباني في صحيح أبي داود (٢٠٤١).
(٢) صحَّحه الألباني في غاية المرام (١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>