للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن غَيْرِ فِقْهٍ وَحِلْمٍ وَصَبْرٍ وَنَظَرٍ فِيمَا يَصْلُحُ مِن ذَلِكَ وَمَا لَا يَصْلُحُ، وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَقْدِرُ.

وَلهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ، وَنَهَى عَن قِتَالِهِمْ مَا أقَامُوا الصَّلَاةَ.

وَلهَذَا كَانَ مِن أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لُزُومُ الْجَمَاعَةِ وَتَرْكُ قِتَالِ الْأَئِمَّةِ وَتَرْكُ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ.

وَعَلَى هَذَا: إذَا كَانَ الشَّخْصُ أَو الطَّائِفَةُ جَامِعيْنِ بَيْنَ مَعْرُوفٍ وَمُنْكَرٍ بِحَيْثُ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا؛ بَل إمَّا أَنْ يَفْعَلُوهُمَا جَمِيعًا، أَو يَتْرُكُوهَا جَمِيعًا: لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْمَرُوا بِمَعْرُوف وَلَا أَنْ يُنْهُوا مِن مُنْكَرٍ، بل يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ أَكْثَرَ: أَمَرَ بِهِ وَإِن اسْتَلْزَمَ مَا هُوَ دُونَهُ مِن الْمُنْكَرِ.

وَلَمْ يَنْهَ عَن مُنْكَرٍ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَعْرُوفٍ أَعْظَمَ مِنْهُ؛ بَل يَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ مِن بَابِ الصَّدِّ عَن سَبِيلِ اللهِ، وَالسَّعْيِ فِي زَوَالِ طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَزَوَالِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ.

وَإِن كَانَ الْمُنْكَرُ أَغْلَبَ: نَهَى عَنْهُ وَإِن اسْتَلْزَمَ فَوَاتَ مَا هُوَ دُونَهُ مِن الْمَعْرُوفِ.

وَيكُونُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمُنْكرِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ: أَمْرًا بِمُنْكَر وَسَعْيًا فِي مَعْصِيَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ.

وَإِن تكَافَأَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ الْمُتَلَازِمَانِ: لَمْ يُؤمَرْ بِهِمَا وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُمَا.

وَمِن هَذَا الْبَابِ: إقْرَارُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أبي وَأَمْثَالِهِ مِن أَئِمَّةِ النِّفَاقِ وَالْفُجُورِ؛ لِمَا لَهُم مِن أَعْوَانٍ، فَإِزَالَةُ مُنْكَرِهِ بِنَوْع مِن عِقَابِهِ: مُسْتَلْزِمَةٌ إزَالَةَ مَعْرُوفٍ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ بِغَضَبِ قَوْمِهِ وَحَمِيَّتِهِمْ، وَبِنُفُورِ النَّاسِ إذَا سَمِعُوا أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>