للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَذَا الشُّحُّ الَّذِي هُوَ شِدَّةُ حِرْصِ النَّفْسِ: يُوجِبُ الْبُخْلَ بِمَنْعِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَالظُّلْمَ بِأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ، ويُوجِبُ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ، ويُوجِبُ الْحَسَدَ، وَهُوَ: كَرَاهَةُ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْغَيْرُ.

وَالْحَسَدُ فِيهِ بُخْل وَظُلْم؛ فَإِنَّهُ بُخْل بِمَا أُعْطِيهِ غَيْرُهُ، وَظُلْمُهُ بِطَلَبِ زَوَالِ ذَلِكَ عَنْهُ. [٢٨/ ١٤٤]

٣٣٣١ - أُمُورُ النَّاسِ تَسْتَقِيمُ فِي الدُّنْيَا مَعَ الْعَدْلِ الَّذِي فِيهِ الِاشْتِرَاكُ فِي أَنْوَاعِ الْإِثْمِ: أَكْثَرُ مِمَّا تَسْتَقِيمُ مَعَ الظُّلْمِ فِي الْحُقُوقِ وَإِن لَمْ تَشْتَرِكْ فِي إثْمٍ؛ وَلهَذَا قِيلَ: إنَّ اللهَ يُقِيمُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإن كَانَت كَافِرَة، وَلَا يُقِيمُ الظَّالِمَةَ وَإِن كَانَت مُسْلِمَةً.

ويُقَالُ: الدُّنْيَا تَدُومُ مَعَ الْعَدْلِ وَالْكُفْرِ وَلَا تَدُومُ مَعَ الظُّلْمِ وَالْإِسْلَامِ.

وَقَد قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ ذَنْب أَسْرَعَ عُقُوبَةً مِن الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ"؛ فَالْبَاغِي يُصْرَعُ فِي الدُّنْيَا وَإِن كَانَ مَغْفُورًا لَهُ مَرْحُومًا فِي الْآخِرَةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَدْلَ نِظَامُ كُلِّ شَيءٍ، فَإِذَا أُقِيمَ أَمْرُ الدُّنْيَا بِعَدْل: قَامَتْ وَإِن لَمْ يَكُن لِصَاحِبِهَا فِي الْآخِرَةِ مِن خَلَاقٍ.

وَمَتَى لَمْ تَقُمْ بِعَدْل: لَمْ تَقُمْ وَإِن كَانَ لِصَاحِبِهَا مِن الْإِيمَانِ مَا يُجْزَى بِهِ فِي الْآخِرَةِ. [٢٨/ ١٤٦]

٣٣٣٢ - النَّفْسُ فِيهَا:

أ- دَاعِي الظُّلْمِ لِغَيْرِهَا بِالْعُلُوِّ عَلَيْهِ وَالْحَسَدِ لَهُ، وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ.

ب- وَدَاعِي الظُّلْمِ لِنَفْسِهَا بِتَنَاوُلِ الشَّهَوَاتِ الْقَبِيحَةِ كَالزنى وَأَكْلِ الْخَبَائِثِ، فَهِيَ قَد تَظْلِمُ مَن لَا يَظْلِمُهَا، وَتُؤْثِرُ هَذ الشَّهَوَاتِ وَإِن لَمْ تَفْعَلْهَا.

فَإِذَا رَأَتْ نُظَرَاءَهَا قَد ظَلَمُوا وَتَنَاوَلُوا هَذِهِ الشَّهَوَاتِ صَارَ دَاعِي هَذِهِ الشَّهَوَاتِ أَو الظُّلْمِ فِيهَا أَعْظَمَ بِكَثِيرِ.

فَكَمْ مِمَّن لَمْ يُرِدْ خَيْرًا وَلَا شَرًّا حَتَى رَأَى غَيْرَهُ -لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ نَظِيرهُ-

<<  <  ج: ص:  >  >>