يَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ؛ فَإِنَّ النَّاسَ كَأَسْرَابِ الْقَطَا، مَجْبُولُونَ عَلَى تَشَبُّهِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ (١). [٢٨/ ١٤٦ - ١٥٠]
٣٣٣٣ - النَّاسُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
أ- قَوْمٌ لَا يَقُومُونَ إلا فِي أَهْوَاءِ نُفُوسِهِمْ، فَلَا يَرْضَوْنَ إلَّا بِمَا يُعْطَونَهُ، وَلَا يَغْضَبُونَ إلَّا لِمَا يحرَمونه، فَإِذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُم مَا يَشْتَهِيهِ مِن الشَّهَوَاتِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ زَالَ غَضَبُة وَحَصَلَ رِضَاهُ، وَصَارَ الْأَمْرُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ مُنْكَرًا- يَنْهَى عَنْهُ وَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ، وَيذُمُّ صَاحِبَهُ وَيغْضَبُ عَلَيْهِ-: مَرْضِيًّا عِنْدَهُ.
ب- وَقَوْمٌ يَقُومُونَ دِيَانَةً صَحِيحَةً يَكُونُونَ فِي ذَلِكَ مُخْلِصِينَ للهِ، مُصْلِحِينَ فِيمَا عَمِلُوهُ، وَيسْتَقِيمُ لَهُم ذَلِكَ حَتَّى يَصْبِرُوا عَلَى مَا أُوذُوا، وَهَؤُلَاءِ هُم الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَهُم مِن خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.
ج- وَقَوْمٌ يَجْتَمِعُ فِيهِمْ هَذَا وَهَذَا، وَهُم غَالِبُ الْمُؤمِنِينَ، فَمَن فِيهِ دِينٌ وَلَهُ شَهْوَةٌ: تَجْتَمِعُ فِي قُلُوبِهِم إرَادَة الطَّاعَةِ وَإِرَادَةُ الْمَعْصِيَةِ، وَرُبَّمَا غَلَبَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً.
وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ الثُّلَاثِيَّةُ كَمَا قِيلَ: الْأَنْفُسُ ثَلَاث: أَمَّارَةٌ، وَمُطَمْئِنَةٌ، وَلَوَّامَةٌ.
فَالْأَوَّلُونَ: هُم أَهْلُ الْأَنْفُسِ الْأَمَّارَةِ الَّتِي تَأْمُرُهُ بِالسُّوءِ.
وَالأوْسَطُونَ: هُم أَهْلُ النُّفُوسِ الْمُطْمَئِنَّةِ.
وَالْآخَرُونَ: هُم أَهْلُ النُّفُوسِ اللَّوَّامَةِ الَّتِي تَفْعَلُ الذَّنْبَ ثُمَّ تَلُومُ عَلَيْهِ وَتتلَوَّنُ: تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا، وَتَخْلِطُ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا.
٣٣٣٤ - رُوِيَ عَن الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَو فَكَّرَ النَّاسُ كُلُّهُم فِي سُورَةِ (وَالْعَصْرِ) لَكَفَتْهُمْ.
(١) ولهذا أوجب الشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعقوبة المجاهر بالمعصية؛ حتى لا يُجزِّئ بعضُهم بعضًا، ولا يقتديَ بعضهم ببعض.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute